جريدة أرض بلادي – شيماء الهوصي –

في خطوة تعكس توجهاً روسياً متزايداً نحو تعزيز حضورها داخل القارة الإفريقية، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أنّ المغرب بات من أهم الدول التي ترتبط معها موسكو بنظام الإعفاء المتبادل من التأشيرة، مؤكدة أن المملكة تشكّل إحدى الوجهات الأكثر استقطاباً للسياح الروس في شمال إفريقيا، إلى جانب مصر وتونس.
جاء هذا التأكيد على لسان تاتيانا دوفغالينكو، رئيسة إدارة الشراكة مع إفريقيا بالوزارة، خلال مائدة مستديرة في مجلس الدوما خُصصت لتطوير التعاون السياحي والثقافي بين روسيا والدول الإفريقية. وقد أوضحت المسؤولة الروسية أنّ المغرب مدرج فعلياً ضمن 11 بلداً إفريقياً يشملها نظام السفر بدون تأشيرة، معتبرة أن هذا الوضع يعكس موقع الرباط داخل الرؤية الروسية الجديدة للتوسع في القارة.
وقالت دوفغالينكو إن توسيع قائمة الدول الإفريقية المعفاة من التأشيرة “أولوية” بالنسبة لموسكو، لكنها شددت على أن المغرب يحتفظ بخصوصية لافتة نظراً لكونه يستوفي شرطين أساسيين تدعم بهما روسيا تعاونها السياحي: الربط الجوي المباشر، واعتباره أحد المنافذ الآمنة التي تعتمدها موسكو لدخول إفريقيا.
وخلال مداخلتها، لفتت المسؤولة الروسية إلى وجود “اختلال جغرافي” في خريطة السياحة الروسية داخل إفريقيا، حيث تتركز الحركة السياحية بشكل شبه كامل في شمال القارة، خاصة مصر والمغرب وتونس. وقدمت مثالاً بمصر التي استقبلت عام 2024 نحو 1.5 مليون سائح روسي، في حين تشهد الوجهات جنوب الصحراء تراجعاً ملحوظاً، ما يدفع موسكو للبحث عن حلول لتوسيع انتشارها السياحي هناك.
وتبرز أهمية المغرب، وفق الطرح الروسي، في كونه جزءاً من فئة محدودة من البلدان الإفريقية التي تربطها بروسيا رحلات مباشرة، وهي: الجزائر، مصر، المغرب، تونس، إثيوبيا وجزر السيشيل. هذا الربط الجوي يمنح المملكة، بحسب دوفغالينكو، موقعاً متقدماً داخل الجهود الروسية لإعادة تشكيل شبكات النقل التي تعتمد عليها الحركة السياحية.
كما أشارت المسؤولة إلى أن عدداً من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في المجال السياحي قيد التحضير، معربة عن أملها في أن يجري التوقيع عليها خلال الفترة المقبلة لتعزيز التعاون مع مزيد من الدول الإفريقية.
ومع إدراج المغرب ضمن البلدان الإحدى عشرة المعفاة من التأشيرة والست التي تربطها بروسيا خطوط جوية مباشرة، يتعزز حضوره داخل الاستراتيجية الروسية التي تبحث عن شركاء مستقرين ومنفتحين اقتصادياً لتوسيع نفوذها في القارة. ويأتي ذلك في وقت تعمل فيه الرباط نفسها على تنويع شركائها الدوليين وتعميق حضورها الإفريقي على مستويات متعددة، من الاقتصاد إلى الدبلوماسية.
وتوضح المعطيات الروسية أنّ المغرب أصبح مكوّناً أساسياً في الترتيبات الجديدة لموسكو في القارة، سواء عبر حركة السياحة أو التعاون اللوجستي أو الشراكات الثقافية، ما يجعل العلاقات بين البلدين مرشحة لتطور أكبر في ظل سعي كل طرف إلى تعزيز موقعه ضمن فضاء دولي متغير بوتيرة متسارعة.
