جريدة أرض بلادي -هيئة التحرير-
شهدت نفقات الأسر تغييرا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة، بحيث سجلت بعض النفقات التي كانت تعد أساسية تراجعا مقابل نفقات أخرى باتت تصنف ضمن الأولويات، ما أدى إلى تطور في اتجاهات نمط العيش ونماذج استهلاك الأسر.
عرفت نفقات “التجهيزات المنزلية” و”الثقافة والترفيه” تراجعا ملحوظا بين عامي 2014 و2022، وفق ما أكدته المندوبية السامية للتخطيط في البحث الوطني حول مستوى معيشة الأسر لسنة 2022، الصادر الخميس 20 يونيو 2024.
تراجع نفقات الترفيه والتجهيزات المنزلية
وتراجعت نفقات “الترفيه والثقافة” مع انخفاض متوسط سنوي للنفقات المرتبطة بها، بالأسعار الثابتة، بنسبة ناقص 11,9 في المائة، حيث انتقل من 329 درهم إلى 109 دراهم.
كما تراجعت نفقات “التجهيزات المنزلية” بانخفاض قدره ناقص 2,1 في المائة منتقلا من 568 درهما إلى 473 درهم.
ولم تعد الأسر المغربية تنفق على “التعليم” مثل السابق، بانخفاض قدره ناقص 1,8 في المائة، منتقلا من 745 درهم إلى 638 درهم.
كما انخفضت نفقات الأسر على “النقل”، بناقص 1,6 في المائة، إذ انتقل المتوسط السنوي للنفقات المرتبطة بها من 1379 درهم إلى 1197 درهم، فضلا عن “اللباس” بانخفاض قدره ناقص 0,2 في المائة، أي من 590 درهم إلى 582 درهم.
الاهتمام بالوقاية الصحية
وفي المقابل، سجلت مجموعة من النفقات ارتفاعا بين عامي 2014 و2022، على رأسها “الوقاية الصحية”، بحيث تضاعف متوسط النفقة السنوي للفرد، خلال هذه الفترة، من 483 درهم إلى 814 درهم، أي بمتوسط زيادة سنوي بالأسعار الثابتة قدره 6,2 في المائة.
وارتفعت نفقات الأسر المخصصة لـ”التواصل” (الإنترنيت، الأجهزة والخدمات الهاتفية..) بزيادة سنوية للنفقات المرتبطة بها تصل إلى 4,5 في المائة لينتقل من 353 درهم إلى 541 درهم.
كما ارتفعت نفقات “السكن والطاقة” بنسبة زيادة قدرها 2,9 في المائة، حيث انتقل من 4083 درهم إلى 5252 درهم، ثم نفقات “الرعاية الصحية” بنسبة زيادة قدرها 2,5 في المائة، حيث انتقل من 986 درهم إلى 1224 درهم.
وتفيد معطيات المندوبية بارتفاع نفقات “التغذية” بنسبة 1,1 في المائة، خلال الفترة ذاتها، لينتقل متوسط النفقة السنوي من 7190 درهم إلى 7887 درهم.
وعرفت حصة النفقات الغذائية ارتفاعا طفيفا، حيث انتقلت من 37 في المائة سنة 2014 إلى 83,2 في المائة سنة 2022، خلافا للاتجاه التنازلي الذي لوحظ منذ عقود.
وعلى الرغم من هذا الارتفاع، أكدت نتائج البحث الوطني أن وزن النفقات المخصصة للتغذية لا يزال أقل من المعدل المسجل سنة 2007 (40,6 في المائة).
وتمت ملاحظة هذا التحول في كلا الوسطين؛ إذ بلغت حصة النفقات الغذائية في الوسط الحضري، 36,8 في المائة سنة 2007، ثم انخفضت إلى 33,3 في المائة سنة 2014، لتصل إلى 35,2 في المائة سنة 2022. وتبلغ هذه المؤشرات على التوالي 49,4 في المائة، و48,6 في المائة في الوسط القروي.
السكن والطاقة
وخلص البحث إلى أنه كلما تحسن مستوى المعيشة، كلما انخفضت حصة الميزانية المخصصة للتغذية؛ إذ انتقلت من 50 في المائة لدى 10 في المائة من الأسر الأقل يسرا إلى 30 في المائة لدى 10 في المائة من الأسر الأكثر يسرا سنة 2022، مقابل 50 في المائة و26 في المائة على التوالي سنة 2014.
وبالعودة إلى النفقات غير الغذائية التي سجلت زيادة في حصتها في ميزانية الأسر بين سنتي 2014 و2022، تفيد نتائج البحث الوطني أن حصة النفقات الخاصة بالسكن والطاقة انتقلت من 23 في المائة إلى 25,4 في المائة، والوقاية من 2,7 في المائة إلى 3,9 في المائة، والتواصل من 2,2 في المائة إلى 2,6 في المائة.
أما على مستوى النفقات التي سجلت انخفاضا في حصتها في ميزانية الأسرة خلال هذه الفترة، فقد انخفضت حصة النفقات الخاصة بالترفيه والثقافة، من 1,9 في المائة إلى 0,5 في المائة، والتجهيزات المنزلية من 3,2 في المائة إلى 2,3 في المائة والنقل من 7,1 في المائة إلى 5,8 في المائة، ثم الرعاية الطبية من 6,1 في المائة إلى 5,9 في المائة.
وتبين هذه التطورات، حسب وسط الإقامة، أن كلا الوسطين الحضري والقروي يسجلان تشابها في الاتجاهات الملحوظة مع المستوى الوطني.
اختلافات حسب مستوى المعيشة
من ناحية أخرى، أبرزت المندوبية السامية للتخطيط أن بنية النفقات الاستهلاكية غير الغذائية تظهر اختلافات ملحوظة حسب مستوى معيشة السكان؛ حيث ينفق 20 في المائة من الأسر الأكثر يسرا 8,3 في المائة من ميزانيتهم على النقل، مقابل 2,2 في المائة للـ20 في المائة الأقل يسرا، و6,3 في المائة مقابل 4 في المائة على الرعاية الصحية، و3,7 في المائة مقابل 2,6 في المائة على التعليم.
في حين ينفق الأقل يسرا 26,7 في المائة من ميزانيتهم لتغطية احتياجاتهم من السكن والطاقة، مقابل 24,4 في المائة للأكثر يسرا.
وأظهرت نتائج البحث الوطني أن إجمالي النفقات التي تخصصها الفئة الاجتماعية الأكثر يسرا للنقل تفوق بـ26,6 مرة تلك التي تنفقها الفئة الاجتماعية الأقل يسرا.
ويصل هذا الفارق إلى 11 مرة بالنسبة لـ”الرعاية الصحية”، وإلى 10 أضعاف بالنسبة لـ”التعليم” و39 مرة لـ”الترفيه والثقافة”.
تطور بنية نفقات الاستهلاك
ويندرج البحث الوطني حول مستوى معيشة الأسر لسنة 2022 في إطار البحوث البنيوية التي تنجزها المندوبية السامية للتخطيط، وتم إنجاز النسخة الرابعة من البحث بعد البحوث التي أجريت سنوات 1991 و1999 و2007، لدى عينة من 18 ألف أسرة موزعة على المستوى الوطني وتمثل مختلف الفئات السوسيو اقتصادية وجهات المملكة.
وأشارت المندوبية إلى تجميع المعطيات على مدار سنة كاملة من 15 مارس 2022 إلى 14 مارس 2023، وذلك بهدف أخذ التقلبات الموسمية والأحداث الدينية والاجتماعية التي تؤثر على أنماط استهلاك ودخل الأسر بعين الاعتبار.
ويهدف هذا البحث إلى فهم التحولات الاجتماعية والاقتصادية من خلال رصد تطور مستوى وبنية نفقات استهلاك ودخل الأسر، وستمكن نتائج البحث من قياس مستوى ولوج مختلف الفئات الاجتماعية إلى الخدمات الاجتماعية الأساسية كالتعليم والصحة وظروف السكن وغيرها، وكذا من تحيين مؤشرات تتبع أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالأبعاد البشرية والرخاء، مع توسيع نطاقها لتشمل مواضيع جديدة.