الحياة … إمرأة

جريدة أرض بلادي_تونس

الأستاذة مسعودة القاسمي

اعزائي القراء كلمة اقولها …

كلما تصفحت كتابا او مجلة او حاورت أحدا ضايقتني تلك العبارات التي تتكرر دائما ” قضايا المرأة ” ” الجنس اللطيف” “خلقت من ضعف ” “مشكلة المرأة” “أزمة المرأة” “إشكالية المرأة” ” الهوية النسوية”…وغيرها من العبارات التي تحيلنا الى ان المراة ظاهرة سلبية تحتاج الى المعالجة والتحليل او مرض عضال دائم التشخيص والبحث له عن الدواء المناسب …

نعم الكثير يفكر بهذا المنطق…الكثير ثقافته تعكس هذا التفكير المشوه لحقيقة انسانية المراة …والكثير تسيطر عليه خرافة الموروث والصورة السلبية التي رسمت لها …ألسنا اليوم في زمن العلوم ..السنا في زمن التطور …الم تثبت المراة جرأتها وبراعتها وتفوقها في العديد من المناسبات…الم تبعث الدفئ والسلام والامان بين الشعوب…الم تكن ملهمة الانسان شعرا وادبا وفنا …

تراودني بعض من الاحداث التي مرت بي والكلمات التي استصغرت المرأة أمامي حتى اوجعتني …وهي التي دعتني الى الكتابة والى القول اني لست قضية فانا انسان كما ورد في القران الكريم وفي العديد من الايات التي لا تفرق بين احد وتخاطب الانسان ” يا ايها الانسان ” ” يا ايها الناس “وغيرها التي يجتمع فيها الجنس البشري دون تمييز او تفريق

هل المراة من كوكب غير كوكبا الحالي ؟ هل هي صورة لم تولد مع ميلاد الانسانية ؟ أم هي بمعزل عن قانون البشرية ؟…

نعم عزيزي القارئ …رقصت كل الشعوب على هذه الاوتار والنغمات واستبيحت على اثرها حرمات( فكرية /جسدية / وجدانية …) ومازالت …نسي الكثير ان ثوب المراة يلتحفه كل انسان … وهي المحبة والوجدان …وهي العطاء والحنان …وهي العمل والاتقان …وهي السحر واللمعان..وهي اللؤلؤة والمرجان …وهي الحصن والقلعة التي يركن اليها كل انسان …نعم لا عيش للانسان بدونها لانها انسان … هل ينكر احدكم انه تتلمذ على يديها وعاد الى وسادتها بعد ان اشتد عوده؟ …هل ينكر احدكم انها هي العون والسند كلما ضاق  الحال وعز عنه  السؤال ؟… هل ينكر احدكم  انه بدونها لا يكون انسان ؟…

دعونا نقول ان الكثير جعل منها مطية وتعالت الاصوات والهتافات، هذا ينادي بالحرية الجسدية وذاك يصفها بانها غير عقلانية والاخر يسعى لتحقيق مارب شخصية …وجميعهم التقوا على هدر طاقة كان من المفروض ان توجه لما هو اسمى وارقى …طاقة الحياة من اجل الحياة …نعم الكون كله عطاء من اجل  غاية واحدة هي البقاء …فلا تجعلوا منا قضية بكل المسميات الحديثة اوالتقليدية…

لم يعد له معنى كل هذا التحامل على المرأة تحت اي راية ولا لاي غاية  فهي شريكة بلا منازع  فلا قصائد بدونها ولا غزل لغيرها ولا قلم إلا ويسبح بحمدها…ام كل ما يقال فيها من ضرب المغالات والكذب والخيال … لم أعد افهم  لحد اليوم لما يمارس الكثير عدوانيته تجاهها وهي التي توقد اصابعها العشرة كالشموع  من اجل نجاح البقية …لماذا يجعلون منها مشكل وقضية وهي وحي الانسانية ؟…

عزيزي القارئ عزيزتي القارئة

لم اطرح هذا عيثا او جزافا او صدفة ولم اوجه الاتهام لجهة معينة وانما كلما دعيت لاي منبر او سمعت اي حوار او قرات مقالا…وجدت هذا الرداء يلبسه الجميع ويتسلقه كمطية ويجعل منه حدثا ليثبت انه موجود والحال بذلك انه مفقود …دراسات وعلوم ونظريات وابحاث تشرح مالا يقبل تشريحه او حتى مجرد التلميح له حول المراة بالعودة لحجج واهية ثقافية او اجتماعية او دينية… لم تفاجئني الاقوال بقدر ما فاجاتني الافعال وما يقره مثقفوا هذا الزمان من افكار لم تعد لها قيمة سوى الاساءة  للمرأة  …انتم اكيد تشاطرونني الراي ان الانسانية اليوم بحاجة لتنمية الافكار ودحض بعض المعتقدات الرجعية والسمو بما يعزز الافكار والسلوكات الايجابية من اجل  بقاء الانسان في امان  …

سفاسف ما يكتب عنها ونفايات العقول …تأملوا واقع الحال لتبصروا وتعوا حقيقة الافكار التي تروج حول المرأة.. ماهي إلا محض إفتراء والمحصول الذي نحصده اليوم هو نتاج تلك المعتقدات والنظرة السلبية والدونية لها…افكار لوثت البيئة الانسانية و اهدرت التعايش النقي…ومايحدث اليوم من قضايا مجتمعية ماهو إلا ثمرة متعفنة لاساليب خاطئة في تشخيص القيمة الحقيقية للمرأة كإمراة..

قد لا تتساوى الاقوال والافعال عند الجميع ولكن الاغلبية الساحقة تفعل مالا تقول …وقد يحرص البعض على القول بعكس ماهو ظاهر للعيان الا انه في النهاية تصلنا اللعنات ونحن اللاتي نملأ الكون دفئا ونورا ونغدقه حبا وسرورا…