إشكالية المهاجر المغربي الحامل للمشاريع التنموية إلى أرض الوطن الأم: رؤية مستقبلية بين الحكم، العراقيل، والأسرار

جريدة أرض بلادي – أسماء بومليحة

تعد الهجرة ظاهرة جوهرية في الوعي الإنساني، حيث يسعى الأفراد لتحسين أوضاعهم المعيشية والارتقاء في المجالات العلمية، الفكرية، والعملية. هذا الدافع المشترك بين جميع المهاجرين، بغض النظر عن اختلافاتهم الثقافية أو الاجتماعية، يدفعهم نحو حياة أفضل على الرغم من المصاعب التي يواجهونها في بلاد الغربة. غير أن حلم العودة إلى الوطن الأم يظل الهاجس الأكبر لهؤلاء المهاجرين، حامِلين معهم أفكارًا ومشاريع تنموية هدفها الأسمى الارتقاء بالبلاد والمساهمة في نهضتها.

لكن، هل يسهل عليهم الاستثمار والاستقرار في بلدهم الأصلي؟ وما هو دور السلطة المحلية في تسهيل أو تعقيد هذا الأمر؟ هذه الأسئلة تتبادر إلى الذهن عند الحديث عن إشكالية هجرة العقول والمشاريع إلى الوطن.

الشاب المغربي المقيم في كندا (أ.ج) يروي معاناته وحسرته على وطنه الأصلي، حيث اصطدم بالعديد من العراقيل التي وضعتها السلطات المحلية في وجهه، مما جعله يشعر بالخزي والأسى. كان حلمه إقامة مشروع تنموي في إقليم برشيد، إلا أن رحلته لتحقيق هذا الحلم كانت مليئة بالعقبات.

في البداية، تقدم بطلب للحصول على رخصة بناء على أرضه، لكنه قوبل بالرفض من رئيس الجماعة. لم يكن هذا الرفض مبررًا، فبعد اللجوء إلى المحكمة، حصل على حكم يسمح له بالبناء، ومع ذلك، استمر الرئيس في رفض طلبه بحجج واهية. لم تتوقف العراقيل عند هذا الحد، فحين تقدم بطلب لحفر بئر للحصول على مياه الشرب، واجه معارضة مماثلة على الرغم من استيفاء جميع الشروط القانونية.

المثير للاستياء أن الرئيس نفسه حفر بئرًا لنفسه على نفس الأرض وبنفس الشروط التي رفض طلب الشاب بموجبها، مما يعكس ازدواجية في المعايير واستخدامًا سيئًا للسلطة. وقد أدى هذا التمييز الصارخ إلى تحطيم أحلام الشاب الذي كان يأمل في خدمة وطنه، وجعله يتساءل: هل يستمر في السعي لتحقيق طموحاته في وطنه الأم، أم يستسلم للظلم ويتخلى عن حلمه؟
على الرغم من هذه المعوقات، يظل الشاب متمسكًا بهويته المغربية، وهو ما يتماشى مع ما يؤكده الملك محمد السادس في خطاباته السامية. فقد شدد الملك مرارًا وتكرارًا على أهمية الهوية الوطنية في توحيد المغاربة وتعزيز الروابط الروحية بين أبناء الوطن، ودورها في بناء دولة الحق والقانون.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ماذا تم توفيره لمغاربة العالم لتعزيز ارتباطهم بوطنهم الأم؟ هل هناك سياسات وإجراءات تعزز استثماراتهم وتحمي حقوقهم، أم أن الواقع لا يزال مليئًا بالتحديات والمعوقات؟

الخلاصة: بين الحلم والواقع

تبقى إشكالية المهاجر المغربي العائد إلى وطنه للاستثمار بين الحلم والواقع. فبينما يحلم هؤلاء المهاجرون بالمساهمة في تطوير بلدهم، يجدون أنفسهم عالقين بين العراقيل البيروقراطية والاستغلال السيئ للسلطة. هذا الوضع يجعل المهاجرين في مفترق طرق، إما الاستمرار في مواجهة الصعاب أو التخلي عن أحلامهم والبحث عن فرص أخرى في بلاد المهجر.

وفي النهاية، يبقى التساؤل الأهم: هل ستتحسن الأمور يومًا ما، ليصبح الوطن ملاذًا حقيقيًا لأبنائه المهاجرين؟