جريدة أرض بلادي -اسماء بومليحة –
في تطور جديد وخطير يعكس النهج المتطرف لجماعة العدل والإحسان، شهد دوار الشراكي مظاهرة غير مرخصة استغلت فيها الجماعة الأطفال كأدوات دعائية في محاولة لاستدرار تعاطف الجمهور والظهور بمظهر المدافع عن قضايا الأمة. هذه المظاهرة التي ظاهريًا حملت شعارات التضامن مع القضية الفلسطينية وادعت الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، كانت في الواقع تخفي أجندات سياسية خفية، تهدف إلى زعزعة الاستقرار المجتمعي وزيادة نفوذ الجماعة في الشارع.
استغلال الأطفال في هذا النوع من التحركات هو أمر يدعو للقلق البالغ. فعوض أن يكون هؤلاء الأطفال بعيدين عن أي صراع سياسي أو اجتماعي، يجدون أنفسهم محاطين بأجواء متوترة قد لا يفهمون أبعادها، مما يعرضهم لمخاطر جسدية ونفسية جسيمة. الجماعة تدرك تمامًا أن وجود الأطفال في الصفوف الأمامية يمنح مظاهراتها بُعدًا عاطفيًا، في محاولة لكسب تعاطف الرأي العام والظهور بمظهر الضحية، في حين أن الحقيقة هي أنها تقوم بتوريطهم في مواجهة غير متكافئة مع السلطات المحلية.
ما يزيد من خطورة هذا الوضع هو أن هذه المظاهرات لم تكن مجرد تعبير سلمي عن الرأي، بل شهدت محاولات اعتداء على رجال السلطة. حيث تعرض قائد قيادة أولاد حريز الغربية لمحاولة سرقة هاتفه أثناء محاولته تهدئة الوضع، في مشهد يعكس تصعيدًا خطيرًا من جانب الجماعة. هذا السلوك العدواني يُظهر كيف أن الجماعة لم تعد تلتزم بأي قيم للاحتجاج السلمي، وأنها مستعدة لتجاوز الخطوط الحمراء بهدف تحقيق مصالحها.
على الرغم من أن السلطات المحلية تدخلت بشكل حكيم وسريع لاحتواء الوضع، إلا أن هذا الحادث يسلط الضوء على خطر استغلال الجماعة للأطفال كجزء من خطتها لإثارة البلبلة. فالجماعة التي فشلت في تحقيق مكاسب سياسية ملموسة عبر القنوات التقليدية، تسعى الآن لاستغلال أية فرصة لإعادة نفسها إلى الواجهة السياسية، حتى لو كان ذلك يعني التضحية بسلامة واستقرار المجتمع.
إن استغلال الأطفال في هذه المظاهرات ليس فقط أمرًا غير أخلاقي، بل يشكل أيضًا تهديدًا للاستقرار الاجتماعي. فبدلاً من توجيه الأطفال نحو مستقبل مشرق وتعليمهم قيم المواطنة والسلمية، يتم الزج بهم في مواجهات مع السلطة، مما قد يخلق جيلًا متأثرًا بالعنف وعدم الاستقرار.
في هذا السياق، ينبغي على المجتمع المدني وجميع الأطراف الفاعلة التصدي لمثل هذه الممارسات التي تستغل الأطفال لتحقيق أهداف سياسية ضيقة. فالأطفال هم مستقبل الوطن، ومن مسؤولية الجميع حمايتهم من أي استغلال يعرّضهم للخطر أو يؤثر على نموهم الطبيعي. كما يجب على السلطات تعزيز قوانين حماية الأطفال ومنع استغلالهم في مثل هذه التحركات غير القانونية.
في النهاية، يتعين على المجتمع بأسره أن يقف ضد هذه الأساليب التي تهدف إلى زعزعة الاستقرار وتحقيق مكاسب سياسية على حساب مستقبل الأطفال واستقرار المجتمع. هذه الممارسات لا تخدم أي قضية وطنية أو إنسانية، بل تعكس فقط انتهازية جماعة فقدت البوصلة وتبحث عن أي وسيلة للعودة إلى الواجهة، حتى لو كانت تلك الوسيلة هي استغلال براءة الأطفال.