جريدة أرض بلادي – اسماء بومليحة –
الأمن الخاص ليس مجرد وظيفة، بل هو ركيزة أساسية تساهم في ضمان سلامة الأفراد والممتلكات على مر التاريخ. في العصور الوسطى، عُرف مفهوم الأمن الخاص من خلال شخصية “الزطاط”، الذي كان مكلفاً بحماية القوافل التجارية وضمان عبورها الآمن عبر المسالك المليئة بالمخاطر واللصوص. كان “الزطاط” هو الضامن لسلامة التجار والبضائع، مقابل أجر يتناسب مع حجم المخاطر التي يتعرض لها، مما جعل دوره لا غنى عنه في تلك الفترة.
في يومنا هذا، تطور دور الأمن الخاص ليأخذ بعداً أوسع وأكثر تعقيداً. فهو اليوم يشكل حجر الزاوية في حماية المؤسسات العامة والخاصة، وتأمين الوثائق والأموال، وضمان النظام داخل الأماكن التي تشهد حركة كبيرة من الناس مثل البنوك، الإدارات، المراكز التجارية، والمرافق الحيوية. على الرغم من هذا الدور المهم والحساس، إلا أن أفراد الأمن الخاص غالباً ما يعملون في الظل، دون أن يحصلوا على التقدير الذي يستحقونه.
رجال الأمن الخاص يسهرون ليلاً ونهاراً للحفاظ على النظام وضمان سلامة المواطنين، ويتعرضون لمخاطر يومية قد تتجاوز مهامهم الأساسية. فدورهم لا يقتصر على مجرد الحراسة، بل يمتد ليشمل تنظيم المواطنين، حل النزاعات البسيطة، وحماية الأماكن من أي تهديد محتمل. ورغم هذه المسؤوليات الكبيرة، يظل كثير منهم يعملون في ظروف قاسية، سواء من حيث الأجور التي لا تتناسب مع الجهود المبذولة، أو غياب الحقوق الأساسية مثل التأمين الصحي والضمان الاجتماعي.
والأدهى من ذلك، أنهم كثيراً ما يُعتبرون جزءاً غير مرئي من النظام، فلا يُلقى لهم حتى بكلمة شكر تعبيراً عن الامتنان لدورهم الحاسم. من هنا، بات من الضروري أن نعيد النظر في أوضاع هذه الفئة التي لا غنى عنها في حياتنا اليومية. يجب على الشركات المسؤولة في هذا القطاع أن تعترف بدورهم الحيوي، وتوفر لهم حقوقهم الأساسية وتحسن من ظروف عملهم.
إننا اليوم مدينون لهؤلاء الأفراد الذين يقفون في الخطوط الأمامية للحفاظ على الأمن والنظام. يجب أن نرفع القبعة لكل رجل أمن خاص يسهر على حمايتنا، ويعرض نفسه للخطر من أجل سلامتنا. لهم كل التقدير والاحترام، فهم جزء لا يتجزأ من نسيج المجتمع الأمني، وبدونهم ستكون الحياة أكثر فوضوية وأقل أماناً.