الطابع المغربي في رواية الأطلسي التائه  أشرف عليم

جريدة أرض بلادي-هيئة التحرير-

 

 

قد يتمادى البعض في نعت التصوف المغربي بالقبوري، وهي طباعة استشراقية، حيث قراءة المصريات ركزت إزميل بحثها على هذه الثيمة، وزاد هذا المسار شهرة ما جابت به القريحة النجدية.

قد لا يكون سهلا سل الملمح المغربي، وسط هذا التنوع الشرقي والإفريقي والغربي، الذي ذاب في المتداول المغربي. لكن أود أن أزيح عن الطريق تلك التأويلات المشرقية، أو الغربية. التي عمقت في الذهن مركزية القلق الوجودي. فيحضر الموت كفزاعة الفزاعات وكمطهر من كل المآسي. في الظاهر على الأقل لن تجد حيا مأخوذا بالموت، فلا أحد يفكر في الموت إلا في النادر، وفي المغرب خصوصا لاتجد هذا الهوس الموتي، بل تجد المغربي سائرا رحالة، كابن بطوطة، أو كشخصية الأطلسي التائه، هذه الفرضية تعكس غياب أي نوع من القلق الوجودي، بل طمأنينة تعكس تناغما بين الطبيعة والإنسان فهي توفر له ما يشاء، عكس الموروث الصحراوي حيث الطبيعة قاتلة وتحفز على الحذر الشديد. وخلاف الشتاء الغربي الممتد والدافن للحياة.

الأطلسي، شخص عامل كما تظهر الرواية، فمنذ البداية يحب أن يساعد أمه والأم هنا ليست اعتباطية، فهي رمز للعمل، فالأم ليست حريمية المنزلة، وليست مبجلة لأنها تعطي الحياة وفقط بل لكونها عاملة متفاعلة مع الطبيعة كما الجدة التي ماهي إلا أم متقدمة في السن، فالأم هي العمل إلى حد نكران الذات، ويظهر هذا حتى عند الشريف حيث بناته يحملن العشاء للخدم، ومن لم يتعمق في الشخصية المغربية لن يفهم حضور الأمهات مثلا في مونديال قطر، وقد يذهب في التأويل بعيدا كل البعد عن أسس السلوك المغربي.

لن تكون نباتيا إلا في أرض زراعية بالأساس، ومن هنا تزدهر..العشبية.. إلى درجة التقديس، والمجتمع الزراعي المغربي مجتمع غني المطبخ، لذلك انتشرت فيه عادة الوليمة..الزرود.. ويقال.. كيمشي على كرشو.. وهنا تظهر الرواية ولائم الشريف، وشراهة المدعوين.. صاحب الأطلسي نموذجا.. ولو تعمقنا أكثر عرفنا لماذا العقل السياسي المغربي، نحت مفهوم المخزن..أكادير.. ولماذا المواسم تجارية أكثر مما هي روحية، فالمجتمع المغربي، زراع وتجار. لذلك تسود العقلية المصلحية والإصلاحية، أكثر من العقلية الراديكالية.

لن أتمادى أكثر وأحب أن أنوه أن الرواية سبكت بكثير من الحنكة، وتجلت فيها المقدرة السردية للكاتب، وقدرته الإبداعية ومهارته التصويرية وخاصة في لقاء الأطلسي وفاطمة الزهراء.