العجائبي في ” تراتيل أمازيغية”. رواية مصطفى لغتيري محمد بوحبيب

جريدة أرض بلادي-هيئة التحرير-

ركب السرد في هذا النص متن الأسطورة، إلى جانب الحكي الشعبي ـ ما سمع الفتى ” غيلاس” عن جدته. وقد أتى فيه الكاتب بشيء جميل؛ تناول خاصة ما يرد في الأساطير، من عجائب وأحداث خارقة، شبيهة بما ورد مع علاء الدين والمصباح السحري، في قصص ألف ليلة وليلة…

فالبطل ” غيلاس”، في ذلك، كانت له ” الصَّدَفة” التي أهداها له صديقه ورفيقه

“أوسمان”، وتلك المخلوقات العجيبة ـ ذات العين الواحدة ـ مثلما ورد في الأسطورة الإغريقية ـ Cyclopeـ

لقد لعبت “الصدفة” دور حارسه الأمين، الذي خلصه من براثن الرومان، لما وجد نفسه، مع رفاقه، رهائن في قلعة الغزاة القائمة على نهر ” الليكسوس”، وهي التي تبعث الطمأنينة في نفسه، في الأوقات الحرجة…

وتلك القرابين التي دأب يقدمها أهله للكهوف، التي يدعون أن الأسلاف تسكنها، فيباركون حياتهم، وهم بالمقابل، وهم بالمقابل يتبركون بهم، ويعتزون.

بعد هذا، يعود الروائي، إلى إخضاع الواقع التاريخي، للفن الروائي ـ السرد الفني ـ فيوظف حروب الأمازيغ ضد المحتل والغازي الروماني… وبذلك فنّد الملك ” غيلاس” ـ البطل الروائي ـ ادعاء الرومان، بأن الأمازيغ، مجرد أقوام بدائيين، همج، برابرة، وأثبت لهم، أن الأمازيغ أبطال أشاوس، وأن الأمازيغي، هو ذلك البطل الذي ينكسر ـ إذا لزم الأمر ـ ولكنه لا ينحني. وقد خلد البطل يوغرطة، ذلك في مقولته الشهيرة : ” نحن قوم ننكسر ولا ننحني”. بالإضافة إلى توظيف العادات والتقاليد الأمازيغية، في إحياء مناسبات الأفراح، والعبادات.

بصدد العنوان في ” تراتيل أمازيغي ـ

يجدر الإشارة إلى العنوان، وهو من لفظين: تراتيل، وأمازيغية.

ــ تراتيل: PSAUMES : قطعة مرتلة من الصلاة عند المسيحيين. مفرده: ترتيلة.

وفي القرآن الكريم:( ورَتِّل القرآن ترتيلا). المزمل:آية4. والفعل: رتَّل، يرتل: جوّد تلاوته… قرأ قراءة إنشادية ـ تجويد.

وفي النص الذي بين أيدينا، ماذا يعني اللفظ؟ هل هو تلميح إلى المكانة التي يحتلها المحكي في المعيش الأمازيغي؛ نجد البطل الراوي، يحكي وكأنه ينشد ـ عن حياته وحياة أهله ـ فجأة، تحال الكلمة إلى الجدة، فتحكي ليستمع البطل الراوي، فيتحول متلقيا، بعدما كان يملك زمام الحكي، وتقديم المعلومات، وبعدها يتحول الحكي إلى حكيم المملكة، فيقدم توضيحات عن نشوء هذه المملكة الصغيرة. ثم يأتي دور الأحداث الواقعة تارخيا بين الأمازيغ، وبين المحتل الروماني الغازي؛ وكأنها قطع إنشادية، بلسان البطل الراوي” غيلاس”، والأمجاد التي صنعها مع رفاقه ضد المحتل.