تشكل الفضاءات الخضراء بمراكش، خلال شهر رمضان المبارك الذي يصادف هذه السنة بداية فصل الصيف، ملاذا بالنسبة لساكنة المدينة، للترفيه والاستمتاع بسحر الطبيعة بعد أداء صلاة العشاء والتراويح من كل يوم.
وفي هذا الصدد، لا يقتصر دور الفضاءات الخضراء بمدينة مراكش في المساهمة في المحافظة على البيئة بهذه المنطقة ذات المناخ شبه الجاف، أو إضفاء رونق وجمالية على مدينة النخيل التي تعتبر وجهة سياحية عالمية، بل تشكل أيضا متنفسا للساكنة المحلية التي تبحث عن قضاء حيز من وقتها خلال هذا الشهر المبارك بين أحضان الطبيعة، للاستمتاع بنفحات هواء تنعش النفوس.
وإذا كان شهر رمضان المبارك بالنسبة للمراكشيين، كما هو الحال بمختلف جهات المملكة، مناسبة للفرحة والابتهاج وللعبادة، فهو أيضا فرصة لتغيير نمط العيش اليومي خلال هذه الفترة، مع الحرص على إحياء بعض التقاليد التي لم تعد حاضرة إلا عند عدد محدود من الساكنة المحلية وفي مناسبات دينية ووطنية .
وعلى عكس أوقات النهار في هذا الشهر الفضيل حيث تقل حركة السير بالشوارع، فإنه مع غروب شمس كل يوم وطيلة ساعات الليل، تتحول الفضاءات الخضراء والساحات العمومية والحدائق بمراكش، التي تتميز بسحرها وعبق أزهارها، إلى ملاذ لاستقبال آلاف الأشخاص الباحثين على جو رطب وأجواء للترفيه والتسلية، وذلك لقضاء أوقات ممتعة.
وقد ساعدت حالة الطقس التي تعرفها مدينة مراكش خلال هذه الفترة والمتسمة على الخصوص بارتفاع درجات الحرارة بالنهار مع انخفاض نسبي في الليل، على تحفيز الأسر وبالأخص الشباب على استغلال الفضاءات الخضراء في جو مليء بالفرحة والابتهاج، والتي قد تستمر الى ساعات متأخرة من الليل بهدف على الخصوص الالتقاء لتبادل أطراف الحديث في أجواء حميمية، أو لأكل وجبة خاصة يتم إعدادها من قبل والتي تكون غالبا الأكلة التي تميز المدينة الحمراء والمتمثلة في “الطنجية” التي تعكس مدى غنى وتنوع المطبخ المغربي.
وإذا كان البعض يفضل الجلوس بالمقاهي لتبادل أطراف الحديث مع الاصدقاء والاقارب، فإن البعض الاخر يلجأ الى الفضاءات الخضراء والحدائق والساحات العمومية التي تصبح أماكن للالتقاء والترويح عن النفس والاستمتاع برطوبة الجو، وأكل وجبات الطعام مع ارتشاف كؤوس من الشاي المنعنع.
كما تسعى بعض المجموعات الى الاستمتاع بممارسة الألعاب الورقية، في حين تحرص فئات أخرى على اصطحاب آلات موسيقية معها الى قضاء جزء من وقتها وسط الطبيعة عبر الغناء والرقص وأحيانا أداء أغاني محلية ذات طابع شعبي كـ”تقيتيقات”، وذلك الى حين حلول وقت السحور.
ومن جهة أخرى، يرى بعض الشباب أن التقاءهم بالأصدقاء وسط الطبيعة، يعتبر مناسبة لاسترجاع الذاكرة وإحياء تقليد متوارث لدى المراكشيين؛ الذي يطلق عليه “النزاهة” وهي عبارة عن تنقل مجموعة من الأصدقاء الى أحد الحدائق العمومية أو الفضاءات الخضراء للترويح عن النفس وأكل الوجبة المحلية المفضلة “الطنجية”.
وتكتسي الفضاءات الخضراء على الخصوص والمدينة الحمراء على العموم، خلال ليالي شهر رمضان المبارك، جمالية خاصة، مقرونة بسحر أخاذ، مما يجعل منها فضاء للأنس والانشراح ومكانا للتنزه والالتقاء بالأصدقاء والأقارب وقضاء فترات ممتعة بين أحضان الطبيعة.