جريدة أرض بلادي: بقلم : محمد محسين الادريسي
في كل موسم ومع كل أزمة، تتوجه أصابع الاتهام بسرعة نحو “الشنّاق”، ذاك التاجر الذي يُصوَّر دائماً كالمسؤول الأول عن التهاب الأسعار واحتكار السلع. لكن، ماذا لو كان المُتهم الحقيقي بيننا، ويتحرك من موقع المستهلك لا التاجر؟
الحقيقة التي يجب أن نواجهها بجرأة هي أن المواطن، حين يندفع بشكل جماعي نحو شراء اللحوم والمواد الغذائية رغم تحذيرات السلطات، يكون شريكاً فعلياً في رفع الأسعار. هذا التهافت غير المبرر يخلق طلباً مرتفعاً، يُقابل بعرض محدود، خاصة في ظرفية حساسة كالتي نعيشها اليوم، حيث تعاني الأسواق من ندرة في رؤوس الأغنام ونقص في التموين.
السلطات العليا لا تتوانى في توجيه النصائح وفرض الإجراءات لتفادي المضاربات، لكن حين لا تجد آذاناً صاغية من المواطن، تُصبح كل الجهود بلا جدوى. الاقتصاد لا يتحكم فيه التاجر فقط، بل أيضاً سلوك المستهلك.
في ظل هذه الظروف، صار من الواجب إعادة النظر في عاداتنا الاستهلاكية، والتحلي بالوعي والمسؤولية، فليس من الحكمة أن نشتري بدافع الخوف أو “السبق”، ولا أن نربط شعيرة عظيمة مثل الأضحية بمظاهر التباهي أو اللهفة غير العقلانية.
الشنّاق ليس وحده من يرفع الأسعار… بل نحن من نمنحه السلاح حين نُقبل على السوق بنهم ونترك صوت الحكمة خلفنا.