جريدة أرض بلادي -الصافي عبد الرزاق-
التاريخ المعاصر، طالب باحث بسلك الدكتوراه جامعة محمد الخامس كلية علوم التربية الرباط.
تحت إشراف الدكتورين:
الأستاذ خليل السعداني، الأستاذ سيدي محمد معروف الدفالي
نشر المقال الخاص بي بمجلة الدراسات الافريقية وحوض النيل العدد 14 يناير 2022 .
شهد المغرب خلال القرن العشرين استعمارا كان يستهدف استغلال خيرات وثروات البلاد، استعمار قابلته مقاومة عسكرية منذ 1912 والى غاية 1934 حيث ظهرت المقاومة السياسية ، لتطالب بتطبيق روح ومنطوق هذا النظام، ويسعى هذا المقال المتواضع إلى إبراز أهم التنظيمات السياسية التي ظهرت في مدينة أبي الجعد، والتي خرجنا بخلاصة مؤداها أن هاته المدينة كانت كما كانت مختلف مناطق المغرب تقاوم بأسلوبها المسلح والسياسي، وبخصوص
أهم ما يمكننا الخروج به من توصيات فينبغي بذل المزيد من الجهود في الاعتناء بالمناطق الهامشية بالبحث والتنقيب عن أدوارها التاريخية الطلائعية.
بمجرد دخول الاستعمار الفرنسي إلى المغرب عام 1912، ظهرت عدة حركات مناهضة له، في شكل حركات مسلحة امتد كفاحها منذ سنة 1907 الى غاية 1934، إذ ” انطلقت صرخات الجهاد مدوية في كافة ربوع المغرب مطالبة بضرورة التصدي للغزاة وإعداد العدة اللازمة للوقوف في وجه مخططاتهم ودسائسهم المبيتة التي تستهدف النيل من سيادة المغرب واستقلاله، وهي الصرخات التي ستزداد أصداؤها وأصواتها على الساحة قوة ونفوذا واستقطابا لتتحول إلى مبادرات جهادية ملموسة بل والى حركات منظمة للمقاومة الشعبية”. فإذا، كانت مقاومة مسلحة هدفها صد ومقاومة الاستعمار، وكان من نتائج هذه المقاومة تعطيل وتأخير
هيمنة الاستعمار الفرنسي والاسباني على التراب المغربي بإمكانياته البسيطة في حين نجد الاستعمار الفرنسي كانت له إمكانيات هائلة.
في هذا السياق، ظهرت المقاومة السلمية السياسية في إطار ما يسمى بالحركة الوطنية، خلال ثلاثينيات القرن العشرين، وقد شكل ميلادها نقطة تحول في مسار المقاومة المغربية،
بانتقالها من النضال المسلح بالبوادي إلى نضال سياسي بالمدن.
ظهرت بأبي الجعد مجموعة من التنظيمات السياسية التي دافعت عن المغرب عامة وأبي الجعد خاصة بأسلوب سلمي حضاري، تمثل في مجموعة من التنظيمات، منظمة يد الانتقام هي منظمة تزعمها بوطيب الشرقي بالإضافة إلى سبعة أفراد معه.
المنظمة الحسنية: تزعم هاته المنظمة جلال الهالي بن المفضل كانت تقوم بعدة أدوار هي الأخرى كحرق ضيعة القائد دحو بن المالكي، وضيعات كل الخونة والمتعاونين مع الاستعمار.
• مجموعة الاستقلاب: تزعم هاته المجموعة محمد جبري، وقامت تقريبا بنفس ما كانت تقوم به المنظمات السابقة، كما أنها قامت يوم الخميس 18 نونبر 1954 الذي صادف عيد العرش حيث تم توزيع المناشير وتم إتلاف أسلاك الهاتف2.
• الحزب الشيوعي: عرفت منطقة ابي الجعد تأسيس الحزب الشيوعي خلال النصف الأول من القرن العشرين، الذي كانت له جريدتان هما جريدة إسبواغ، وجريدة حياة الشعب، وقد
عرفت منطقة أبي الجعد اهتماما كبيرا من طرف الشيوعيين نظرا للقاعدة العمالية الكبيرة في المنطقة، “وقد ساهم في تجدر عمل الحزب الشيوعي بالمنطقة مجموعة من المناضلين
المحنكين المشهود لهم بالإخلاص والكفاءة وروح النضال أمثال المعطي اليوسفي، احمد الماضي وحدو مبارك وعبد السلام بورقية”3. وقد عمل هذا الحزب على توعية المواطنين بأهمية المقاومة والدفاع عن حوزة البلاد.
• حزب الاستقلال: اهتم حزب الاستقلال بتوعية الناس في الأسواق والبوادي، وقد انضم إليه جبري محمد بن المصطفى الدكالي الأصل والمولود بابي الجعد سنة 1938، ورشدي محمد.بن العربي المولود سنة 1935، والحاج الحبيب الناصري الشرقاوي المولود سنة 1938، و الحبيب السموني المولود سنة 1936، وقد تعرض كل واحد منهم للسجن ما بين شهر وشهرين بسبب التحريض أو السب.
كل هاته المنظمات والحركات التي يمكننا أن نسميها نضالا سياسيا تعد مسارا من الكفاح و النضال والمقاومة والتي ساهمت في توقيع وثيقة المطالبة بالاستقلال يوم 11 يناير 1944 ، و التي ابانت عن شدة التلاحم بين العرش العلوي والشعب المغربي، قاطبة والبجعدي خاصة، فكان اللقاء في متجر الفقيه السموني بعد أن تم دراسة الوضعية التي يعيشها المغرب وتعيشها أبي الجعد، فثم الاتفاق على يوم الخميس على الساعة الثامنة لتلقي التوقيعات تدعيما للوثيقة المذكورة والمطالبة بالاستقلال. ما ان علم المراقب المدني بالحدث حتى سارع الى المتجر لاعتقال زعماء الفتنة حسب تعبيره، فكان رد الفعل مجيء العديد من الرجال والأطفال والشيوخ والنساء من مختلف الأعمار يطالبون بالإفراج عن الموقعين عن الوثيقة ومعهم وثيقتهم، “امام هذا الوضع الحرج لم يجد الحاكم بدا من إطلاق سراح الوثيقة وزعماء الانتفاضة، عندها توجه الجميع الى ضريح سيدي بوعبيد الشرقي لتلقي التوقيعات لأنه المكان الرحب الذي له قدسيته
ورمزيته لاحتواء هذه الحشود الهادرة والعواطف الفياضة وقد تحررت من عقال الخوف و الخضوع والهيمنة”. وقد حضر لتوقيع هاته الوثيقة التاريخية مختلف المعلمين والفقهاء والتلاميذ والفلاحين والتجار والحرفيين،فالكل حضر ليجسد ويبرهن عن حب الوطن وعن التضحية في سبيل تحريره.