جريدة أرض بلادي – عبد المجيد العزيزي –
بساتين الواحة، المشروع العقاري الذي وُعد أن يكون جنة سكنية وسط واحة الأمل، أصبح اليوم رمزاً للإحباط والخذلان، بعدما تحوّل من حلم بالاستقرار إلى جحيم من الانتظار والمماطلة. فمئات المواطنين، منذ سنة 2018، يعيشون على أمل تسلّم شققهم التي دفعوا مقابلها الغالي والنفيس، دون أن يجنوا شيئاً سوى الوعود الزائفة والملفات العالقة.
منذ إطلاقه، اعتمد المشروع على حملة تسويقية قوية استهدفت المواطنين داخل المغرب وخارجه، وُعِدت خلالها الأسر بإقامات عصرية في موقع استراتيجي مغرٍ، وبأسعار منافسة. مكاتب فتحت أبوابها، وعقود وُقّعت، وأموال ضُخت بثقة في مشروع ظنّه الجميع بداية حياة جديدة.
لكن الواقع كان مختلفاً تماماً. فبعد مرور سنوات من الانتظار، تبيّن أن ما تم الترويج له لم يكن سوى واجهة مزيّنة لواقع مليء بالثغرات والتأجيلات غير المبررة.
العديد من “ضحايا مشروع بساتين الواحة” لم يجدوا من سبيل سوى الاحتجاج ورفع أصواتهم أمام المحاكم والمقرات الرسمية، مطالبين بإنصافهم، وبتحقيق وعود طال انتظارها. منهم من وصف ما حدث بـ”غلطة العمر”، بعد أن استنزف المشروع طاقتهم النفسية، وأموالهم، وأثّر على حياتهم الأسرية بشكل مباشر.
صرخاتهم، التي وصلت إلى منابر إعلامية، تكشف حجم المعاناة والتأزم، حيث لم يعد السكن مجرد طموح، بل أصبح عبئاً ثقيلاً، ومصدر ألم وخيبة.
السؤال الذي لا يزال معلقاً دون إجابة: من يحاسب المسؤولين عن هذا التلاعب؟ من يعوّض الأسر التي انتظرت سنوات؟ وأين هي مبادئ المواطنة وحقوق المستهلك في ظل هذا التجاوز الصارخ؟
يقول المتضررون إنهم تعرضوا للاستغلال، وإن آمالهم بالاستقرار تحولت إلى صراع يومي مع الأوراق والمحاكم، ومع الجري المتواصل بين المدن، حتى أن البعض منهم تدهورت حالته الصحية أو فقد الأمل بالكامل.
الانتظار لا يرحم. ومع مرور الوقت، يكبر اليأس، خاصة لدى الزبائن من مغاربة العالم، الذين وثقوا في المشروع وسارعوا في اقتناء السكن دون أن يلمسوا أي تقدم يُذكر. تنقلاتهم المستمرة بين البلدان، وتكاليف السفر، والعناء النفسي، كل ذلك جعل من هذا الملف رمزاً للفشل في تدبير العقار بالمغرب.
مشروع بساتين الواحة ليس مجرد ملف تأخر في التنفيذ، بل هو مرآة لواقع عقاري يحتاج إلى مراجعة عميقة. ضحاياه لا يريدون سوى الإنصاف. هم لا يطلبون المستحيل، فقط شققاً دفعوا ثمنها، وكرامة لم يُحافظ عليها.
فهل يتحرّك المسؤولون لإنهاء هذا الجرح المفتوح؟ أم أن الانتظار سيبقى هو العنوان؟