جريدة أرض بلادي – اسماء بومليحة –
في مشهد لافت وسط شوارع العاصمة الفرنسية باريس، خرجت حشود كبيرة من الجالية المالية والإفريقية في مظاهرة احتجاجية أمام السفارة الجزائرية، رافعةً شعارات تضامنية مع تحالف دول الساحل الإفريقي الجديد (AES)، الذي يضم مالي، النيجر، وبوركينا فاسو.
المظاهرة، التي جاءت وسط أجواء مشحونة بالتوترات الإقليمية، لم تقتصر على الشعارات السياسية فحسب، بل حملت رسائل رمزية قوية، كان أبرزها رفع أعلام المملكة المغربية من طرف المتظاهرين، في خطوة اعتُبرت استفزازًا مباشرًا للجزائر، في ظل العلاقات المتوترة بين الجارتين.
ويأتي هذا التحرك الشعبي في فرنسا ليعكس مدى تفاعل الجاليات الإفريقية مع القضايا الإقليمية الساخنة، إذ أظهر المشاركون دعمهم لتحالف الساحل الذي يواجه خلافات حادة مع الجزائر بشأن قضايا الأمن والتدخلات الإقليمية.
ويُنظر إلى هذه المظاهرة كإشارة إلى تغير ميزان التحالفات في منطقة الساحل، خاصة بعد الانقلابات العسكرية الأخيرة في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وقطع هذه الدول لعلاقاتها مع فرنسا، واتجاهها نحو تبني مواقف أكثر استقلالية عن التأثيرات الغربية والإقليمية، خصوصًا الجزائرية منها.
من جهة أخرى، يرى مراقبون أن رفع العلم المغربي خلال التظاهرة لم يكن فقط رسالة دعم، بل أيضًا ورقة ضغط جديدة في الصراع الرمزي والسياسي القائم بين الجزائر والمغرب، والذي تلقي بظلاله على أغلب قضايا المنطقة.
باريس، التي لطالما كانت ساحة للتعبير السياسي للجاليات الإفريقية، عادت من جديد لتكون مرآة لما يحدث جنوب الصحراء، حيث تتقاطع الولاءات، وتتصادم الرؤى حول مستقبل المنطقة، ودور اللاعبين الإقليميين فيها.
فهل نحن أمام بداية لتغيرات جذرية في موازين القوى الإفريقية، تُرسم ملامحها من شوارع باريس؟