جريدة أرض بلادي-هيئة التحرير-
بقلم الأستاذ الناقد:فاضل العربي أحمد
المقدمة
في هذا النص الشعري المقتطف من قصيدة “الليلك” للشاعرة ليلى التجري، تتجلى عوالم من الجمال والحنين، حيث تسلط الشاعرة الضوء على تجربة شخصية في استكشاف المدينة ورموزها. يستحضر هذا النص مجموعة من المشاعر والأحاسيس التي تتداخل فيها عناصر المكان والزمان، لتجسد معاني أعمق حول الحب والذكريات.
المعاني والدلالات
1. شوارع المدينة كفضاء للبحث
تبدأ الشاعرة بمسارها في “شوارع مدينة”، وهو تعبير يحمل دلالات على الحركة والتنقل. الشوارع، كمكان للبحث والاستكشاف، تشير إلى رحلة داخل الذات، حيث يسعى الشاعر/الشاعرة لاكتشاف الجمال الذي يحيط به. يعكس هذا الفضاء التعقيد الحضاري والتجارب الإنسانية التي تتقاطع فيه.
2. رائحة الجمال المتوهج
تستحضر الشاعرة “رائحة فواحة بالجمال المتوهج”، مما يخلق صورة حية للحواس. الرائحة هنا ليست مجرد إشارة حسية، بل تمثل تجربة جمالية عميقة، تحمل في طياتها معاني الرغبة والحنين. يُظهر استخدام كلمة “المتوهج” القوة والإشراق، مما يضفي شعورًا بالتجدد والانتعاش، كما أنها تشير إلى جو من الأمل والحياة.
3. الحوار مع المارين
تتجه الشاعرة إلى سؤال “المارين عن سرها الوهاج”، مما يوحي بإحساس بالتواصل الاجتماعي والرغبة في فهم العالم من حولها. هذا الحوار يُظهر مدى تأثير الآخرين على تجربتنا الفردية، ويعكس أيضًا الطبيعة الإنسانية للبحث عن المعاني والأسباب. يُجسد هذا الحوار فكرة أن المعرفة تنبع من التفاعل مع الآخرين، وأن الجمال قد يكون مدفوعًا من خلال تجاربهم.
4. الحب والحرمان
الرد الذي تحصل عليه الشاعرة “فقال لي حبيبها.. مسكين من لم يستنشق عبقها البهيج” يعكس عمق التجربة الإنسانية. يُسلط هذا التعبير الضوء على فكرة الحب الذي يمكن أن يكون مُلهِمًا، لكنه أيضًا يحمل في طياته مشاعر الحرمان والألم. يُبرز تعبير “مسكين” شعور بالشفقة تجاه أولئك الذين لم يتمكنوا من تجربة هذا الجمال، مما يعكس الألم الذي يرافق الحب والفقدان.
تظهر الشاعرة ليلى التجري من خلال هذا النص موهبتها في الجمع بين الجمال والعمق النفسي. تُعبر الكلمات عن انسيابية الأفكار والمشاعر، مُظهرة رحلة فردية مليئة بالتجارب الإنسانية. إن قدرة الشاعرة على خلق صور شعرية حية تُظهر عالمًا غنيًا بالمعاني، تجعل من قصيدة “الليلك” عملًا يستحق التأمل والدراسة، حيث تندمج فيه الجماليات مع المشاعر الإنسانية العميقة.