تأملات في عوالم الحكي والتلقي في التجربة الروائية عند مصطفى لغتيري..

جريدة أرض بلادي-ليلى التجري-

بقلم الشاعر عبد العزيز بحفيظ-

 

 

إن الاشتغال على المنجز الروائي للاستاذ الاديب مصطفى لغتيري، ليس بالهين، ولا الامر السهل، وذلك لدواعي أساسية، نلمسها في كتاباته السردية، منها:
• تنوع أساليب الكتابة لديه.
• اختلاف تيمات ومواضيع التناول.
• عمق المقروء/ المنجز، وشساعة البعد الرؤيوي والدلالي والرمزي.


• انفتاح تجربته على الخارج، وبالضبط الوطن العربي )سوريا، مصر، لبنان.. ( سواء عبر الدرس الجامعي أو الرسائل والأطاريح الجامعية )العراق، الجزائر..
• تصريحاته الإيجابية والمنسجمة عبر القنوات الإعلامية المكتوبة والإلكترونية، تزود المتلقي والمتتبع شحنة وطاقة إيجابية لتتبع كتاباته وانتظار جديده.
• انفتاح مصطفى لغتيري على المؤسسات التعليمية والتفاعل مع تلامذتها، والإنصات إلى نبضهم ومشاغلهم وانتظاراتهم التذوقية والجمالية، وإشغافهم وتحبيببهم للقراءة والمطالعة وتحسيسهم بالفعل القرائي عبرالأندية التربوية.
• إنسانية الكاتب وتشبعه بقيم المواطنة وثقافة حقوق الإنسان، ومد يد العون للطلبة الباحثين بهم القراءة، بكل الإمكانات المتاحة.


فلكل هذه المناخات الإيجابية والتواصل الإبداعي لهذا الرجل الاستثنائي، جاءت باكورة هذه الدراسة في التجربة الروائية له من طرف مجموعة من المؤلفين، بلغ عددهم 32 مؤلفا، من ضمنهم 8 مؤلفات، توزعت اهتماماتهم وصفاتهم الإبداعية، ما بين شاعر وناقد وباحث وقاص وأكاديمي..، وتم الاشتغال على ما يقارب 15 رواية) فرواية الأطلس التائه ورواية رجال وكلاب، اشتغل على كل منهما ستة مؤلفين، أما روايات: اسلاك شائكة، امرأة تخشى الحب، ابن السماء، ليلة إفريقية، فقد تناول كل واحد منها أربعة مؤلفين. في حين أن روايتي: شهوة الأمكنة، رقصة العنكبوت، فقد اشتغل ثلاثة مؤلفين على كل واحد منهما. وروايتا : تراتيل أمازيغية، أحلام المسيسيبي على ضفاف سبو، فكانت من نصيب 2 مؤلفين. وفيما تبقى من الروايات: حب وبرتقالة، حسناء أمزورن، ضجيج الرغبة..فكانت منفردة الاشتغال(
امتطى الكتاب صهوة جميلة وطبعة أنيقة لمنشورات غاليلي للأدب، في 375 صفحة، مفتتحة بتقديم في 5خمس صفحات وفهرست في ثلاث صفحات. أطرت هذه الدراسات والقراءات تحت عنوان كبير وفضفاض:
) عوالم الحكي والتلقي في التجربة الروائية عند مصطفى لغتيري(
وعل ظهر الغلاف أعيدت فقرات من التقديم مع صورة تفاعلية أنيقة لإحدى مداخلات الكاتب، في حين صورة الغلاف تضمنت بورتريا للمحتفى بهن مع تكراره كخلفية، مما زاد الغلاف جمالية، وقعت بريشة الفنان سعيد الزكراوي.
جميع القراءات والدراسات هي لمغاربة، وهذا في حد ذاته اعتراف المبدع المغربي بصنوه المبدع المغربي، وهذا لا يدخل في خانة الإخوانيات، بقدر ما يبصم معالم إرساء ثقافة الاعتراف بالمبدع قيد حياته، لا ننتظر حتى يرحل، فلا اعتراف بعد موت المبدع/ الفنان، ما دام لم يلق أدنى التفاتة في حقه عند حياته. الاعتراف الحقيقي، هو أن يسمع ويقرا المحتفى به ما كتبت وما قلت في حقه، وتسمع بأذنيك رده عليك، ومدى تحقق ونجاعة الحفر والمناولة لعوالمه الإبداعية.
ولنعود للعنوان الكبيرلهذا المؤلف، فيمكننا تفكيك عناصره إلى جزئيات أساسية، منها:
1. عوالم 2. الحكي 3. التلقي 4. التجربة.
فلماذا حدد في مفردة “عوالم” جمعا؟ هل لها من دلالات وانزياحات مفاهيمية إجرائية؟ ثم ن ما هوية هذا الحكي ؟ وما علاقته بالسرد ؟ ومصطلح ” التلقي”، كيف لنا أن نعرفه ؟ و ما جمالياته ؟ وما حدوده ؟ وخل لكل متلق وجهة نظره، وذائقة معينة ؟ ف: ” كما يقدم الكاتب على إنتاج دلالة النص من خلال بنائه إياه، فكذلك القارئ يفتح هذه الدلالة )ات( عن طريق إعادته بناء النص وفق تصوره وخلفيته النصية الخاصة سيان” .1. أما حين نصل إلى مفهمو ” تجربة” فيمكن تعريفها : ” كانطباع شخصي خاص يكونه الشخص انطلاقا من الاتصال المباسر بالموضوع عن طريق التجربة الشخصية المباشرة.وغالبا ما تدخل أفكاره الثقافية أو الاجتماعية أو الفلسفية أو معتقداته في تحديد هذه المعرفة”.2. لم تم التركيز على كلمة” تجربة ” بدل مفهوم ” تجريب” ؟؟ هل يتحقق التجريب الروائي عند مصطفى لغتيري؟ لأن ” التجريب هو بحث دائب عن أدوات تمكن الأديب وتزيد من من قدراته على التعبير عن علاقة الإنسان بواقعه المتغير المستجد…هو حيازة جمالية للعالم أو بحث عن عالم أفضل ” .3. فهل يمكن الحديث عن تحديث/ تجريب روائي أم تجربة روائية عند م. لغتيري؟ هل تحقق التجريب عند كاتبنا ؟؟ وإن تحقق، أين يكمن وفي أي عمل روائي؟ وهل كالتبنا واع بمسألة التجريب؟؟
سننطلق من بوابة التقديم، كإوالية مهمة، تلقي نظرة اختزالية لمجمل مضامين ومحتويات الكتاب ورؤية وأساليب الكاتب، فجاءت أهم النقط الأساسية في التقديم كالتالي:

• الاهتمام النقدي والإعلامي بالمنجز الروائي للكاتب.
• قدومه من القصة بنوعيها إلى الرواية.
• غزارة الكتابة، مع التنوع الفني التيمي.
• تطبيق شعار من القراءة إلى الكتابة، كطقس يومي حققه عبر سيرورة إبداعية موفقة.
• تركيزه على الموضوعات التي تلامس اليومي فكريا واجتماعيا وسياسيا .
• يكتب رواياته وفق رؤية سردية واضحة، تشكل الحكاية ركيزتها الأساسية، واعتمادها على البنية السردية التقليدية:)بداية/ وسط/ نهاية(
• كثير الاطلاع والمطالعة.
• دخول روايته” أسلاك شائكة” عالم السينما.
الخاتمة:
تمكنت جل الدراسات والقراءات النقدية،وحتى العاشقة أن تحيط بالمنجز الروائي لمصطفى لغتيري، بشكل تكاملي، فانصبت على التحليل البنيوي والدلالي، والسيميولويجي ولو بشكل محتشم، كما الاجتماعي دون تكلف ولا تصنع، وما يعزز راينا هو تهافت وانصباب 32 مؤلف ومؤلفة للاشتغال على العمل الغبداعي الروائي لمصطفى لغتيري، وبعضهم اشتغل على أكثر من رواية داخل هذا الكتاب. وأغلب هذه الدراسات ” توفقت في محاولة لاستشفاف النسق العام المتحكم في صياغة النصوص، وملامسة التحولات الشكلية التي تجسدها على صعيد الخطاب لروائي”.4.
عموما، يمكن القول إن التجربة الروائية الرائدة للروائي لغتيري، جعلته يراكم خبرات مهمة في تقنيات الخطاب الروائي، سواء على صعيد الفضاء الروائي، والتعدد اللغوي، وتعدد وجهات النظر، وتعدد الأصوات polyphpne. وفي الختام، لنا الحق أن نضم صوتنا إلى صوت الدكتور عبد الرحمن غانمي في قوله” لامراء، في أن أي عمل إبداعي ، إما يحمل تقنيات وخصوصيات مستلهمة من نظريات أدبية ونقدية، أو يمكن للنص الأدبي، بصفة عامة، أن يكون خاضعا لتوجه المؤلف وميولاته النظرية، أو يمكن لنص أن يشي بإمكانيات تقنية جديرة بأن تثيرالانتباه، بل إن التراكم الإبداعي غالبا ما يكون سابقا عن النظرية بمفاهيمها ومناهجها الدقيقة”.5. وكذا لنتساءل وإياه، بما يلي:
• كيف يتم استيحاء” النظرية” داخل الرواية، وما حدود النظري، والأسئلة التي تتولد عنه؟؟
• ما هي التقنيات والملامح التي يكشف عنها النص الروائي ومعالم إسهاماته في تخصيب الحوار وتجذير البعد الجمالي والنظري في روايات الأديب مصطفى لغتيري؟؟
ولا يسعنا في ختام مداخلتنا إلا أن نثمن مجموع الدراسات والقراءات النقدية التي اشتغلت على النمجز الروائي للأستاذ م. لغتيري، آملين ترجمة هذا المؤلف للفرنسية ، حتى تعم الفائدة .
المراجع:
• انفتاح النص الروائي : د. سعيد يقطين /ص 76
• محرك غوغل
• أنماط الرواية العربية الجديدة: د.عبد العزيز حمودة / ص11
• الخطاب الروائي المغربي: د عبد الرحمن غانمي / ص13
• نفسه ص233