جريدة أرض بلادي – عبد الباسط الصوابي-
المغرب بلد ذو تاريخ طويل وعريق، شهد قيام عدة ممالك ودول قوية تركت بصمتها في تاريخ شمال إفريقيا بشكل عام. تعتبر منطقة البحر الأبيض المتوسط منطقة استراتيجية، شهدت العديد من الصراعات بين سكان شمال إفريقيا من الأمازيغ وبين قوى خارجية مثل الرومان، الفينيقيين، والقرطاجيين. في هذا السياق، أسس الأمازيغ عدة ممالك قوية لعبت دورًا بارزًا في المجالات الاقتصادية والعسكرية.
شهد تاريخ المغرب عدة ممالك قديمة، وتعتبر مملكة موريطانيا من أبرز الممالك التي تركت أثراً كبيراً في تاريخ شمال إفريقيا.
كان المجال الجغرافي لمملكة موريطانيا يمتد من المحيط الأطلسي غربًا إلى نهر ملوية شرقًا. تقع في المنطقة التي تعرف اليوم بشمال المغرب وشمال غرب الجزائر. كانت من أهم الممالك الأمازيغية القديمة في شمال إفريقيا.
تأسست مملكة موريطانيا في القرن الثالث قبل الميلاد، وكان سكانها الأصليون من الأمازيغ. تأثرت بشكل كبير بالحضارات المجاورة، خاصة الفينيقيين والقرطاجيين، لكنها ظلت محتفظة بطابعها الأمازيغي المميز.
في بداية القرن الأول قبل الميلاد، كانت مملكة موريطانيا مملكة قوية ومزدهرة تحت حكم الملك الأمازيغي بوخوس الأول الذي حكم من 110 إلى 80 قبل الميلاد. تحالف مع الرومان ضد الملك النوميدي يوگرتن ، مما عزز مكانته وسلطته.
كانت موريطانيا قوية عسكريًا ومزدهرة اقتصاديًا، كما تمتعت بثقافة غنية ومتنوعة، حيث كانت مزيجًا من الثقافة الأمازيغية والتأثيرات الفينيقية، القرطاجية، والرومانية. ازدهرت التجارة بين موريطانيا ودول البحر الأبيض المتوسط.
في القرن الأول الميلادي، أصبحت موريطانيا مملكة تابعة للإمبراطورية الرومانية. عندما اغتيل الملك بطليموس، آخر ملوك موريطانيا المستقلين، في عام 40 ميلادي، قرر الإمبراطور الروماني كلوديوس تحويل موريطانيا إلى مقاطعة رومانية، وقسمها إلى قسمين: موريطانيا الطنجية (Mauritania Tingitana) في الغرب، وموريطانيا القيصرية (Mauritania Caesariensis) في الشرق. استمر الحكم الروماني لموريطانيا حتى القرن الخامس عندما غزاها الوندال.
مدينة “وليلي” (Volubilis) تعد من أبرز المدن الموريطانية التي ازدهرت خلال الحكم الروماني، حيث كانت مركزًا تجاريًا وثقافيًا مهمًا. لا تزال آثار وليلي قائمة حتى اليوم تشهد على عظمة الحضارة الموريطانية.
تعتبر مملكة موريطانيا من أهم الممالك الأمازيغية في شمال إفريقيا بتأثيرها الثقافي والتجاري والعسكري، وكانت من الممالك التي تركت أثرًا كبيرًا على المنطقة. تُعد آثارها المكتشفة حتى اليوم شاهدة على هذا الإرث العظيم.