البوليساريو – الجزائر – اسبانيا.من يسقط أولا؟

جريدة أرض بلادي_بقلم : لحسن بوضاض_

الأكيد أن عبقرية المغاربة هزمت اسبانيا ديبلوماسيا و أمنيا غير ما مرة،و يكفي استحظار حدث المسيرة الخضراء كملحمة اعجزت المستعمر ،وجعلت مؤسساته الأمنية والديبلوماسية مشلولة عن الرد.
عقلية الاستكبار والاستعمار لم تتغير و ظلت رهينة لاساليب تقادم مفعولها مع المتغيرات الاقليمية والدولية .
لكن المغرب وحتى في ظروف متشابكة ،ظل وفيا لتحيين أساليب التفكير والتخطيط والتعاطي مع الأزمات لتطوير نظامه الأمني والاستراتيجي .
هكذا يعيد المغرب مرة اخرى حشر الخصم المستعمر في زاوية ضيقة، ويجبره على الهزيمة أو الاستسلام .
في السياق لابد لنا كمغاربة ان نفتخر بمهندسي السياسات الاستراتيجية الذين يصنعون مجدا للوطن ويراكمون انجازات تحدث الفرق الشاسع بين مغرب الامس واليوم .
مغرب اليوم ملكا في الرقعة الاقليمية يصول ويجول ويتحكم في مصير سيادته بأنفة الملوك ونخوة اللاعبين الكبار.
مغرب اليوم يوشك ان ينهي مباراة شطرنج اما بضربة قاضية أو باستسلام الخصم.
فهل يضحي الخصم ببيذق لتقطيع الوقت واطالة اللعب؟أم يقع ضحية سوء حساب لامتدادات و نتائج حركات غير محسوبة؟
بدات المباراة قبل قصة تهريب زعيم جمهورية الوهم الى دولة لازالت تعيش على وهم الماضي .
كلنا نتذكر الدور الحيوي لمدينة سبتة كقطب للتهريب المعيشي الذي يذر ملايين الدولارات بخزينة اسبانيا،كلنا نتذكر تدخلات للمخابرات المغربية في وقت حساس لانقاذ الجارة من اعمال ارهابية،وكلنا نتذكر رفض المغرب التدخل في مطلب الكتالانيين للاستقلال،ورفض استقبال زعيم (الانفصال).وكلنا يعلم حجم الاستثمارات الاسبانية بالمغرب،وارقام السياح المغاربة لاسبانيا وحجم استفادة المستعمر السابق من ثرواتنا البحرية …..
من هنا بدا التخطيط وبدا بناء مغرب قادر على قول لا للمساس بسيادته،وقادرا على الاستغناء عن علاقته باسبانيا.
عندما قرر المغرب التصدي للتهريب من سبتة ،كثيرون لم يرق لهم الأمر،عندما رفضنا مناصرة انفصال الباسك كثيرون انتقدوا سياسة المغرب لكن هؤلاء لم ينتبهوا للبدائل التي كانت تعد:المناطق الصناعية الحرة بالشمال واستقطاب مستثمرين من دول مختلفة وعودة قوية للتغلغل بدواليب الاتحاد الافريقي وانخراط وازن للمغرب في نظام اقتصادي وتحالفات جيوسياسية جديدة .
كانت مقدمات على اكثر من صعيد وتجميع لنقط تسجل بهدوء في مرمى الخصم تحسبا للمستقبل.
والأكيد ان هناك جهودا ضخمة ولقاءات مكوكية منذ مدة مع بريطانيا كدعامة قوة ضمن اوروبا،ومع القوى الجديدة باسيا أيضا.
لذلك ظل العالم يتحدث عن علاقات متوترة بين المغرب وامريكا مع قدوم ترامب ،قبل أن يصدم الشامتون باعتراف الأخير بمغربية الصحراء قبيل نهاية ولايته بأيام .
هنا فقط يمكن الاعتراف بتوفر المغرب على قلب هجوم يحسن اختيار التهديف.
وعلى هذا المنوال تسير أشواط لعبة الغالي بجمهورية الوهم ،حيث سقوطه سيسقط حتما بياذق اخرى وقطعا من دومينو الديبلوماسيات الفاشلة ومؤسساتها الاستخبارياتية العجوزة.
فالواضح ان المغرب كان على علم بتحرك الهدف قبل وصوله اسبانيا،لكنه تعمد التريث و انتهج مبدا الأذن الصماء في نوع من التغابي يوحي بقصور جهازه الأمني.ثم ماذا حدث؟
ترك الموضوع للاعلام والفضاء الازرق ،فخرجت تصريحات رسمية من الجانب الاخر تنفي وجود زعيم البوليساريو.
هنا حرك المغرب قطعة اخرى ،وخرج للعلن بالدفعة الاولى من المعطيات،ارتبك الخصم الاسباني ومع انه كان قادرا على تهريبه الى دولة أخرى لم يفعل،والسبب ببساطة أنه كان قد ابتلع الطعم كاملا.
يتحرك مواطنون يحملون الجنسية الاسبانية لرفع دعاوى امام القضاء الاسباني ضد متهم بارتكاب جرائم حرب و جرائم ضد الشرف والانسانية،تخرج التصريحات هذه المرة لتعترف بوجوده بمشفى اسباني ،لدواعي انسانية.
وكأن اغتصاب النساء والقاصرات لاعلاقة له بالانسانية في اعراف ومواثيق الدول.
الخطوة التالية كانت خطوة العمالقة،فمع مشاركة السيد بوريطة بالايباك يصرح ردا عن سؤال علاقة المغرب باليهود بأنهم مكون من المغرب منذ 3000سنة وان المغرب فتح لهم حظنه عندما طردتهم اسبانيا.
هكذا رد اللاعب الديبلوماسي الهادىء لتخرج وزيرة الدفاع والخارجية بتصريحات لامسؤولة ،تصف المغرب بالبلد العدو.
مرة أخرى تعود قضية سبتة ومليلية المحتلتين بقوة الى الحضور،يحدث كل هذا في غفلة او تغافل لاسبانيا عن الدور الريادي للمغرب في بناء نادي التجارة العالمية بالصحراء المغربية ،وعن هرولة قوى عظمى للتقرب الى المغرب املا في ايجاد موطأ قدم لهم بهذا الصرح الاقتصادي الدولي.
وحتى لاننسى ،ماكان للمغرب ان يتحرك بيقين الكبار ويتصرف بمنطق العظماء الا لكونه يعلم قوة الأوراق الضاغطة التي يمتلكها،وصدق التحالفات التي بناها مع حكام العالم الحقيقيين.ودعونا نصرح منذ الان ان اسبانيا ليست ضمن قادة العالم الجديد.
هل يعتقد عاقل ان تحركات جيش المغرب بالكركارات و المناطق الجنوبية كانت صدفة؟هل يظن مبتدأ بالسياسة ان انعاش خليج الݣويرة وتشييد الطرق والموانئ هناك مجرد صدفة؟هل تساءلنا عن علاقة ورش التغطية الاجتماعية لعموم المغاربة والاصلاحات بقطاع التعليم واستقطاب الاطر الطبية الخارجية و طرح مشاريع اقليمية كخط الغاز كانت مجرد افكار عادية؟وهل فهمنا جيدا سياسة احتضان المغرب منذ سنوات لأشقاءنا الأفارقة ؟
اللعبة الاقليمية اكثر تعقيدا وتشابكا مما يظن الكثير .
والقادم سيكشف حجم الجهود التي بذلها المغرب في خفاء ،ومغرب اليوم ليس كمغرب الأمس فقاعدة رابح رابح تصلح بالسياسة والأمن ايضا.
مغرب اليوم ملك على رقعة الشطرنج الإقليمية و الدولية، و إسبانيا لا يهمها الدفاع عن غالي ،لكنها باتت محشورة في ركن ضيق باختيارها اللعب ببيذق لن يكون غالي الا على فاتورتها المنتظرة.فلا هي قادرة على تحريكه للخلف،ولا هي قوية كما الماضي لتتحرك الى الأمام.
ديبلوماسية اسبانيا سقطت وتستجدي جبهتها الداخلية لممارسة ديبلوماسية الشارع،وقضاء اسبانيا يترنح ، و امنها مكشوف الخاصرة،ولا حيلة له لحراسة حدوده امام جحافل مفترضة من المهاجرين الأفارقة .
رقعة القضية اليوم تضم جنودا(جنرالات دولة مغاربية)وبياذق و احصنة سباق وفيلة،وجميعهم عاجزون .
اما المغرب فلم يكشف عن كل اوراقه بعد.
إنها ضربة( المعلم)