الحكومة تتعاقد مع خبراء من القطاع الخاص لتجاوز أعطاب الإدارة

بعدما صادقت الحكومة السابقة، التي ترأسها عبد الإله بنكيران، على مرسوم يسمح للوزراء بالتعاقد لمدة محدودة مع طالبي الشغل في الإدارة المغربية، بهدف تخفيف العبء الكبير عليها وسد العجز والبحث عن كفاءات وخبرات عالية؛ أصدرت الحكومة الحالية، التي يترأسها سعد الدين العثماني، زميل الرئيس السابق في الحزب، “خارطة طريق” حول طريقة تدبير التشغيل بموجب عقود بالإدارات العمومية.

وحسب بطاقة تتضمن الإجراءات حول التشغيل بـ”الكونطرا” بالإدارات العمومية الصادرة أمس الثلاثاء، وحصلت هسبريس على نسخة منها، يُحدد قرار لرئيس الحكومة الأجور الجزافية والتعويضات التي يمكن للمتعاقد أن يحصل عليها، إذ يمكن أن يصل أجر الخبير الذي سيتم التعاقد معه إلى خمسة ملايين سنتيم في الشهر؛ وهو الأمر الذي سيتيح للإدارات العمومية استقطاب كفاءات من القطاع الخاص، لأن منظومة الأجور في المغرب لا تسمح بتوظيف أطر بأجور مرتفعة، يقول مصدر حكومي لهسبريس.

ويسهر هؤلاء الخبراء على إنجاز مشاريع أو تقديم استشارات أو خبرات في حالة غياب موظفين تتوفر فيهم الكفاءات والمؤهلات المطلوبة. وتُحدد شروط التعاقد معهم في دبلوم أو شهادة محصلة بعد خمس سنوات من الدراسة بعد الباكالوريا، وخمس سنوات من الخبرة العملية في مجالات ذات صلة بموضوع التعاقد الذي حدد في مدة أقصاها سنتان قابلة للتجديد، دون أن تتجاوز مدة التعاقد الإجمالية أربع سنوات.

أما بخصوص الأعوان، فيتم هذا التشغيل في حدود العدد، الذي يُحدد بالنسبة إلى كل قطاع وزاري بقرار لرئيس الحكومة بناء على اقتراح لرئيس الإدارة المعنية، يتم إرفاقه بمذكرة تتضمن دواعي ومبررات اللجوء إلى مسطرة التشغيل عن طريق التعاقد وطبيعة الوظائف المراد إسنادها للأعوان الذين سيتم التعاقد معهم، “بما من شأنه إعطاء رؤية واضحة عن دواعي ومبررات هذا التشغيل، وكذا عن الأهداف المتوخاة منه”.

وتتم هذه العلمية وفق فتح باب الترشيح في وجه جميع المترشحين المتوفرين على الشروط المطلوبة، وإجراء انتقاء أولي بناء على ملفات الترشيح، ثم اجتياز مباراة. وتم تحديد مدة العقد مع الأعوان في سنتين على الأكثر، قابلة للتمديد لمرة واحدة لفترة إضافية لا تتجاوز سنتين.

ولأول مرة يلجأ المغرب إلى هذا النوع من التشغيل في الوظيفة العمومية؛ وذلك “من أجل تحسين مناهج التدبير بالإدارة، لا سيما من أجل الرفع من أدائها، عبر خلق دينامية جديدة ومتجددة داخلها، بما يسمح بخلق جو من التنافسية والتحفيز والتشجيع على الفعالية والمردودية، على غرار ما هو معمول به في القطاع الخاص”.

يذكر أن صدور “خارطة الطريق” المذكورة تزامن مع الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى الـ18 لعيد العرش، الذي شخص فيه الملك محمد السادس أمراض الإدارة العمومية ودق فيه ناقوس الخطر بخصوص أعطابها، إذ قال إن “العديد من الموظفين العموميين لا يتوفرون على ما يكفي من الكفاءة، ولا على الطموح اللازم، ولا تحركهم دائماً روح المسؤولية؛ بل إن منهم من يقضون سوى أوقات معدودة، داخل مقر العمل، ويفضلون الاكتفاء براتب شهري مضمون، على قلته، بدل الجد والاجتهاد والارتقاء الاجتماعي”.