المثلية في المغرب: بين النص القانوني والعرف المجتمعي

بقلم : عبد اللطيف بوهلال

تخضع المثلية الجنسية في المغرب للمادة 489 من القانون الجنائي، التي تنص على أنه “يعاقب بالسجن من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من مائتين إلى ألف درهم من ارتكب فعلا من أفعال الشذوذ الجنسي مع شخص من جنسه، ما لم يكوّن فعله جريمة أشد”. في كثير من الحالات، يتم الحكم على الممارسات الجنسية المثلية وإدانتها، كما يتم اعتبار أصحابها أشخاصاً منحرفين، وهو تبرير كاف لاستبعادهم اجتماعياً وأُسرياً. 

وسبق لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” أن دعت السلطات المغربية إلى ضرورة حماية خصوصية أفراد “مجتمع الميم”، وإلغاء القوانين التي تغذي السلوك المعادي للمثلية الجنسية”، وذلك عقب حملة مضايقات عبر الإنترنت في المغرب طاولت خصوصية مثليين سنة 2020.

بالمقابل ينص الدستور المغربي على الحق في الخصوصية، كما يدعو إلى ممارسة الحقوق والحريات بروح المسؤولية والمواطنة الملتزمة، التي تتلازم فيها ممارسة الحقوق بالنهوض بأداء الواجبات.

 إن تعامل المجتمع المغربي مع مثليي الجنس لا يزال متأثراً بخلفيات إيديولوجية ودينية جعلت المخيال المغربي يتصور أن مثل هذه الميول الجنسية يجب أن تحارب، بيد أن المجتمع المغربي لا يزال على رغم كل النقاشات العمومية حول الحريات الفردية، يميل إلى إقصاء المختلف، حيث إنه لا تزال أشواط كبيرة أمامه ليؤمن بضرورة قبول الاختلاف واستيعاب معنى التعددية والتنوع على جميع المستويات.

ومن وجهة نظر فان الموضوع الآن بين يدي الدولة والمثقفين والإعلاميين والحقوقيين لرفع وعي المجتمع حتى يكون متقبلاً للاختلاف على جميع الأصعدة، بما في ذلك الميول الجنسي خصوصا عندما تتعرض حياة هؤلاء المثليين للخطر بسبب الاعتداءات المتوالية عليهم

وهنا يمكن القول أن القوانين مهما كانت صرامتها في مجتمع محافظ مثل المغرب، فهي لن تحد من الاعتداءات، والأجدر أن نعترف بأن قيم المجتمعات المحافظة تتفوق على القوانين مهما كانت صرامتها وشدتها، غير انه وفي المقابل لا يمكن قبول سلوك جنسي في الأماكن العامة من شأنه أن يغضب الناس ويثير ثائرتهم لاسيما أن ما يطالب به المثليون مخالف للطبيعة البشرية ولطبيعة الخلق عموما، ومثير للاستفزاز والامتعاض المجتمعي، كما أنه سبب مباشر في العديد من مظاهر الإجرام التي أصبحت تصل الى مسامعنا من فينة لأخرى

انه ما مرة عبر النسيج المجتمعي بكل اطيافه عن رفضه التطبيع مع الظاهرة واعتبارها حقا من حقوق الإنسان، لكونها مخالفة لتكوين المغاربة القيمي والأخلاقي والإنساني والبشري، فضلا عن القناعة الحقوقية، مردفا أن دفاع بعض الحقوقيين عن المثلية بالمغرب أفضى إلى تمييع الفعل الحقوقي واستهجانه من لدن المغاربة.