حسناء ايمرزون والنهاية الصادمة .

جريدة أرض بلادي_

_رسمية محيبس _كاتبة عراقية_

في نهاية غير متوقعة بالنسبة للقاري المنفعل بالحدث، يقود مصطفى لغتيري قارئه في أرض وعرة، بطلها يوسف، شاب مهذب محبوب من قبل الجميع، يعرض عن كل عمليات التهريب حين يغويه صديق له حتى يقع في هوى شامة، تلك الفتاة الجميلة، التي أغوته فانجذب لها، ولم يستطع الصمود امام فتنتها. قصة الحب هذه تجري في أرض وعرة، وفي مجتمع لا يسمح للمرأة ان ترفع بصرها بوجه رجل. مجتمع تحكمه التقاليد بشدة وقسوة، لا تجد شامة تلك البنت الجميلة ابنة العائلة المعروفة صعوبة في اللقاء بيوسف، الذي يستجيب لها بكل جوارحه ويعاهدها انه لن يرضى بغيرها مثلما تعاهده هي، وحين تتخطى شامة العقبات وتلتقي بحبيبها يغير ذلك اللقاء حياتها، فقد عاهدها الحبيب على الهجرة ليحصل على المهر لخطبتها، لكنها تتمسك به، فالذين يهاجرون لا يعودون وتتحقق مخاوف الحبيبة، التي استسلمت بكل طواعية للحبيب فكيف ستكون النتيجة؟

تقفز الرواية خارج هذه اللعبة، حين يتقدم لخطبتها حسن الشاب الوجيه الفائز بالانتخابات. توافق الأسرة دون ان تلتفت لرأي البنت، التي يحدد مصيرها الآخرون، وكانها شي تافه لا قيمة ولا رأي له. تهرب مستنجدة بيوسف، لكنه يتخلى عنها في لحظة تكشف كم هو جبان. يتخلى عن بنت دمر هو حياتها. عندئد تنساق لهتك سترها، وتحدث الصدمة حين يفاجأ العريس بان زوجته ليست عذراء، فيعلن ذلك بقوة وامام اهلها الذين يعاملونها ككلبة.

يجري القصاص على شامة بالتصفية الجسدية شرط ان تبوح باسم من انتهك شرف العائلة. يأمر والدها بالقائها في البئر بعد ربطها بالحبال، وجعلها طعما للأفاعي فالقتل ينهي حياتها ولا يجعلها تتعذب.

تعترف باسم من تخلى عنها وهي تعي ما سيحدث له، لكنه يسبق توقعاتها بالهرب بعيدا ويجتاز الحدود، بينما تنهي طلقة واحدة حياتها في تلك البئر التي ترمز الى مصير امراة، تتحدى واقعا أكثر ظلاما وسوداوية من البئر وما فيه من أفاع قاتلة.

تجري أحداث رواية لغتيري في الريف، وهو العارف الخبير باحوال تلك القرى وما فيها من خضوع للتقاليد، لكن قلمه يتمرد على تلك الصيغ وينصاع للمثل الراقية والمدنية، التي لا يستمتع بها ابطال قصصه فهو تعرف عن كثب على القرى التي يسلط اضواءه بشدة وكثافة لتكشف عتمة الواقع الريفي وتنحاز لواقع اكثر تحررا وعدالة بعيدا عن ابطاله الذين تدفعهم الفطرة والقوة والغطرسة التي نشأوا عليها في بيئة خشنة تضطر البشر ان يكونوا بنفس الخشونة، ليتمكوا من مواصلة الحياة بعيدا عن مجتمعات تنعم بالرفاهية والتحضر الذي يتوق اليه شبابها ولا يطاله الكثير منهم. انه ككاتب يسلط اضواءه الكاشفة على تلك القيم تاركا القارئ وحده يقترح حلولا للخروج من تلك الازمات، التي تعصف بإنسان القرية وحتى المدينة التي لا يتوغل قلمه فيها كثيرا، فهي محطة انتقال وتجارة وتسوق فقط، وهي محل للمهربين وبائعي الخمور والنساء اللاتي يكشفن اكثر مما يخفين من مفاتنهن.

ان البناء المتماسك لتجربة الحب التي بناها الكاتب بدراية ومهارة سرعان ما نقضها، فانهارت فوق رؤوس أبطالها في اللحظة، التي تخلى فيها يوسف عن شامة في انتقالة ذكية وحادة بين يوسف قبل هذه الحادثة وبعدها.