لعبة المفتاح الالكتروني لخليف ابراهيم

جريدة أرض بلادي-هيئة التحرير-
بقلم: لخليف ابراهيم-

لما انتهى من العمل اتجه ناحية سيارته يريد مقهى يطل على البحر للترويح عن نفسه وما علق بها من ارهاق جراء عمل مضن. كان يمشي على الرصيف بخطو متثاقل وقد اثقلت عليه محفظة الحاسوب وبعض الملفات بداخلها. من التعب كانت تبدو له المسافة الفاصلة نحو سيارته طويلة. حاول أن يسرع الخطو لكن قدماه لم تسعفاه. على بضع خطوات منها استوقفه شخص يرتدي لباسا على قدر من الشياكة، بدلة أنيقًة وربطة عنق تنسدل على قميص والكل بألوان متناسقة، حتى لتخاله موظفا يحتل مركزا مهما في مؤسسة بنكية، ثم بادره بالسلام وهو يرطن بلكنة مختلفة. التفت اليه ثم استدار نحوه. مدّ اليه يده ليصافحه لكنه لم يبالي. عوض ذلك هرش أم رأسه في محاولة منه تشتيث انتباهه. عاجله بكلام مبهم. استفسره فيما يقول فقال له لا أفهم ما تقول ! بدا عليه بعض الارتباك. ألقى نظرة خاطفة في عينيه فأحسهما تنضحان مكرا. توجس منه خيفة وبقي على بعض مسافة، بدون أن يعيد النظر في عينيه أو يترك له فرصة للمسه أو يربِّت على كتفه، من مغبة استلاب ارادته والتحكم في عقله، وأن يصبح اداة طيعة. كان يدرك أن عمليات النصب استفحلت في الآونة الأخيرة، وأن النصابين، خاصة أولائك الذين يمارسون السماوي، يبتكرون حيل جديدة لاسقاط الناس في شركهم. استنفر جميع حواسه وظل يقظا يراقب حركات يديه وما ينبس به من قول أو يأتي بطلسم.

رسم ذلك الشخص على وجهه ابتسامة عريضة بدت له غير صادقة، حاول من خلالها تذويب تحفظه وابداء ارتسام مختلف. ثم سأله عن أي وجهة تؤدي الى أقرب مركز للشرطة. بعد لحظة تفكير أشار اليه بالشارع ثم الأزقة التي سيسلكها. أمعن ذلك الشخص في اطالة الحديث واعطاء الانطباع أن الأمر أشكل عليه لأنه ليس من قاطني المدينة. بعد بضع دقائق أفرج عن ايماءة تشي بأنه عرف أخيرا الطريق المؤدية الى مقصده، شكره وانصرف.

دس يده في جيبه لاخراج مفتاح السيارة الإلكتروني ثم استدار نحوها فلم يجدها. تساءل كيف. كانت هنا قبل قليل وكان على وشك فتح بابها لالقاء المحفظة فوق المقعد الخلفي. انصدم. تسمر في مكانه. أحس كأن الارض تنسحب من تحث اقدامه.

داهمه شك، لكنه فطن للفخ. ألقى نظرة على الرصيف يبحث عن ذلك الشخص الذي سأله قبل قليل، لكن لم يعد له أثر، اختفى كما اختفت السيارة. ظل حائرا. بقي غارقا في الصمت يفكر في الذي حصل له. بعض لحظات قليلة أخرجه من تفكيره صوت منبه سيارة، رفع رأسه فرأى شابا يقود سيارته من الجانب المقابل من الشارع الذي لم يكن ضاجا بحركة المرور، وقد رفع أصبعه الأوسط نكاية ثم أطلق ضحكة استهزاء، وانطلق مسرعا.

في نشرة المساء، زف خبر ابتكار جهاز متطور يُمكِّن من فك شفرة المفاتيح الاكترونية للسيارات والتحكم كاملا في قيادتها بدلا من المفتاح.