ملاحظات حول رواية ليلة إفريقية… الشرقي الحمداني

جريدة أرض بلادي-هيئة التحرير-
بقلم : الشرقي الحمداني-

قضيت “ليلة إفريقية” مع رواية الكاتب المغربي مصطفى لغتيري
وفي ما يأتي ما سجلته أثناء هذه القراءة:
1. بداية اهتمام جيل من الروائيين المغاربة بافريقيا والانفتاح على قضاياها تحت تأثير عوامل شتى من بينها هجرة شباب دول جنوب الساحل والصحراء نحو المغرب لأجل الدراسة أو الهجرة نحو أوربا؛
2. تلخص الرواية المعاناة الإفريقية في ” فظاعات ارتكبتها القوى الاستعمارية في إفريقيا الوسطى، وجنوب إفريقيا، والقرن الإفريقي، وبلاد الساحل، وشمال إفريقيا.. والاستغلال الفاحش لثرواتها الطبيعية واستنزاف موادها الأولية.. وسط ذلك تاريخ الرق بقبحه وسماجته. فتيان أفارقة يختطفون من قبائلهم الهادئة الجميلة، ويقتادون عنوة وقسرا نحو أمريكا لاستعبادهم في أراضي البيض وضيعاتهم.. وبعد أن انسحب الاستعمار كان قد ترك وراءه وضعا مأساويا لا يستقيم حاله.” (ص.ص25-26)؛
3. نظرة المغربي لا تختلف كثيرا عن منظور الغربي للإنسان الإفريقي، تقول الشابة الكاميرونية كريستينا : ” الكثير من المغاربة ينظرون إلينا نظرة دونية وغير متفهمة..” (ص28). وهنا تكتفي الرواية بتضامن مبدئي من خلال الحديث وبزيارة مهرجان الفلكلور الإفريقي الذي تمثل فيه بلدها بموازاة ندوة الرواية المغربية؛
4. لا ينحصر مشكل التمييز العنصري بسبب اللون في الوافدين على المغرب من ذوي البشرة الداكنة بل ” حتى أبناء المغاربة ذوي البشرة السوداء أو السمراء يعانون في صمت من نفس المشكل..انظري مثلا إلى التلفزيون أو المناصب السامية، هل ترين أسود فيها؟. أما حظوظ الفتيات في العمل، أو الزواج، فذلك مما لا يقوى أحد على إثارته، إنه مشكل حقيقي ومؤجل إلى حين، حتى المناطق التي ينحدر منها هؤلاء ذوي البشرة السوداء في الجنوب المغربي، تعاني من أشد أنواع الإقصاء والتهميش ضراوة، تكفيك جولة واحدة في نواحي ورزازات وزاكورة وطاطا لتقفي على حقيقة المشكل.” (ص.ص52-53)؛
5. ولئن كان لهذه الرواية فضل إثارة هذا الملف، مثل روايات أخرى سبق لنا الحديث عنها، فهي لا تذهب بعيدا في تحليله، وتكتفي بعرض سريع لما هو معلوم مع احتفاء بالقواسم المشتركة والجذابة إفريقيا متمثلة في الطابع الخام للطبيعة والإنسان وسحرية الفولكلور. وفي هذا لا تبتعد الرواية عن التناول البراني المفتتن بالغريب والعجيب والفانطاستيكي؛
6. في حبكة طردية متنامية نتابع الكاتب-الراوي بلسانه يحكي سفره من البيضاء إلى فاس ثم مشروع كتابة رواية مشتركة مع روائية شابة تكون كريستينا بطلتها. وفي حلم الكاتبين تتبدى النظرة الفولكلورية نفسها ( إنسان إفريقي منغمس في طقوس الصيد والسحر والاحتفال..)؛
7. وأخيرا هي رواية قصيرة، مكتوبة بسلاسة دون تكلف، تتتابع أحداثها بسببية خفيفة، تجعل القارئ يتوقع ويستشرف الآتي. وهي لا تخلو من إشارات إلى ما يعتمل في الوسط الثقافي والأدبي من صراع بين الأجيال في مجال الكتابة الروائية، تنظيرا وممارسة، وعناصر إيثوسية تجعل منها، في الآن نفسه، رواية للذات موجهة للتربية والتهذيب والسجال فيما تجعل موضوع التمييز العنصري بسبب اللون موضوعا لكتابة مؤجلة.