نصائح هامة للمقبلين على الإستثمار بالمغرب

إذَا ما كنتُ مستثمرًا أجنبيًّا، أوْ فرنسيًّا على وجهٍ خاص، وهممتَ بإقامَة مشرُوعٍ في المغرب، باعتبارهِ بلدًا جذبَ من الاستثمارات الأجنبيَّة المباشرة 3.36 مليار دولار، بمتمِّ 2012، فإنَّ نصائحَ أربعةَ ثمينة يمكنُ الاسترشادُ بها، حسبَ أسبوعيَّة “لوزِينْ نوفِيل” الفرنسيَّة المختصَّة في شؤون الاقتصاد، لدى الدخُول إلى سوقِ المملكة.

أولَى النصائح، التِي يتوجبُ على المستثمر الأخذُ بها، هيَ فهمُ السوق المغربيَّة، وتحديد المقاولة ما إذَا كان سيراهنُ على استهلاك المغاربة لمنتوجاتها، أمْ أنه يتوقُ إلى اتخاذ المملكة سبيلًا فقط إلى التصدير نحو الخارج، ذلكَ بالنظر إلى محدوديَّة رواتب العاملين في القطاع الخاص، التي لا تبلغُ سوى 450 أورُو في الشهر، وانحصار تعداد الفئة التي تعيشُ في وضعٍ مرتاح، في 3 ملايين نسمةً.

سوقُ السيارات الجديدة في المغرب، مثلًا، لا يتخطَّى 12 ألف عربة، كمعدل سنوي، في ظلِّ منافسة محمومة، تحظرُ معها كلُّ الماركات العالمية، أمَّا سوق الصناعة الداخلية، فتهيمنُ عليه العائلاتُ الكبرى في المملكة، والشركات العالميَّة مثل “لافارج” و”إير ليكيدْ”، التي عززتْ حضورها في الآونة الأخيرة. مما حول المغرب إلى قاعدةٍ صناعيَّة للتصدير نحو الخارج، وهو المرتبط ابتفاقيَّات التبادل الحر مع أووربا والولايات المتحدَة ودُوَل الخلِيج.

بيدَ أنَّ للمملكة، نقاط ضعف أخرى، في مجال العقار، أوْ الأجور، حيث يعدُّ الحد الأدنى للأجور في المغرب الأعلى ارتفاعًا على مستوى إفريقيا، على أنَّهُ مقبلٌ على ارتفاع قدرهُ عشرة في المائة، بانتصاف العام القادم، بعدَ توصل رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، إلى اتفاقٍ للزيادة بمعيَّة النقابات، نهاية أبريل الماضي.

من العناصر الجاذبَة التي يتمتعُ بها المغربُ، قربه الثقافي والقضائي والجغرافي، من أوروبا، التي يرتبطُ معها بشاحناتٍ، تجعلُ تولوز واقعةً على مسافةٍ طرقيَّة متساوية، مع طنجة وهامبورغ.
ثاني النصائح المسدَاة للمستثمر الأجنبي، هي الاستفادة من اليسر المتأتي على مستوى القانون التجاري، فالمستثمر الفرنسي يجدُ أن القانون المغربي مستلهمٌ من نظيره الفرنسي، والقاعدة الأساسية هي الحرية في تأسيس الشركة، دون اشتراط وجود شريك محلي.

بيدَ أنَّ الإدارة والقضاء في المغرب غير ناجعين بما فيه الكافين، فالفساد لا يزالُ مستشريًا في الصفقات العموميَّة، وقدْ يجلبُ متاعب كثيرة، مثلما حصلَ لعددٍ من المقاولات الأجنبية. علما أنَّ محامين فرنسيين لهم مكاتب في الدار البيضاء، موازاةً مع مكاتب دوليَّة.

علاوةً على ذلك، تشكلُ الغرفة الفرنسية للتجارة والصناعة في المغرب، التي ينضوِي تحت لوائها نحو أربعة آلاف عضو، نقطةَ دعمٍ مهمة للاستثمار الفرنسي بالمملكة، موازاةً مع وجودِ دعمٍ من السفارة الفرنسية في الرباط، التي تستطيعُ التحرك في بعض الأحيان لإخراجٍ ملفٍّ مَا من ثلاجَة الجمُود.

النصيحة الثالثة، للمستثمر الأجنبي في المغرب، هيَ استحضارُ تركز الصناعة في المدن الساحليَّة المرتبطة بالطريق السيار، مثل طنجة أو الدار البيضاء أو الرباط، على أنَّ التمركز في مدينة ما، في نهاية المطاف، يستندُ إلى عاملين، أولهما إيجادُ العقار، ثمَّ تأمين اليد العاملة.

بالنسبة إلى العقار، الأثمنة ليستْ بالمنخفضة، سيما للمساحات الكبرى، حيثُ إنَّ السعر قدْ يتجاوزُ مائة يورُو للمتر المربع، حتى وإنْ كانت الدولة المغربية تقيمُ أرضيَّات صناعية مندمجة، منذُ 2009، مثل المناطق الحرة في طنجة أوْ الدار البيضاء أوْ القنيطرة، التي تستهوِي كثيرًا من المصنعِين. وهي تقدم عدة امتيازات، ممثلة في أنَّ الأصول من الممكن إعادة بيعها بسهولة، وتتيحُ الاستفادة من امتيازاتٍ ضريبيَّة كثيرة. على أنَّ التمركز بجوار مدن داخلية، كما فعلت مجموعتا يازاكي ونيكسان، يبقى هدفه الاستفادة من توفر يدٍ عاملة مهمة في محيطهَا.

النصيحة الرابعة، إلَى منْ ينوي الاستثمار في المغرب، تهمُّ الإطار المالِي، حيثُ بإمكان المستثمر أنْ يحول أمواله إلى الخارج بكامل الحريَّة، بعد دفع ما عليه من ضرائب، سيما أنَّ هناكَ اتفاقيَّة بين المغرب وفرنسا تلغِي “التضريب المزدوج”.

استقرارُ الدرهم المغربي، واعتدال الضريبة المفروضة على القيمة المضافة في حدود عشرين درهمًا، مع مناهزة الضريبة على القيمة المضافة 30 بالمائة، وَ8.75 في المائة بالنسبة إلى التصدير، مع الإعفاء من الضرائب طيلة خمس سنوات، عوامل مساعدة، تنضافُ إلى دعم المغرب جهود الاستثمار في قطاعاتٍ تحظَى بالأولويَّة مثل تصنيع السيارات والطيران ونقل الخدمات.