✓ شوق خافت …..للكاتب رحال لحسيني

جريدة أرض بلادي -هيئة التحرير-

كان يمشي بين منعرجات زقاق حي جديد بارد. المنازل جميلة والشرفات قريبة من القلب. عطر مزهرياتها يحتل خياله المكتظ بصورهما معا في قرية كانت تشبه الفرح.

أصبحت تأتي إلى باب ذاكرته ولا تهم بالدخول.

***

 

يمشي شاردا اتجاه حقبة لا تنتظره،

يرفع رأسه نحو ضوء حل في عينيه دون انتباه:

– من هذه المرأة التي لا تريد أن تنظر إليك حتى من زاوية نافذتها؟ ومن خلف الستار.

 

يحاول أن يثير انتباهها، لا تهتم أو لا ترى وجوده:

– لا تتعب قدميك بالترنح أمام عماء حضورها الهادئ.

***

 

كانت تسكن جوار قلبه.. وكانت… ولم تعد. غابت تهمس لهسيس النسيان. انتشى الفراق بوخز بسمات شوك لاذع أسفل صدره.

 

لم ينتبه إن كانت تكلم أحدا أو تغني مرحا أو تدندن موالا رتيبا. خيل إليه لحظة أنها صمتت أو غادرت.

وحين عادت إلى وجع روحه سمع نبضها، يقول:

– طاب الجرح الذي كنت أتذكر..

***

 

اعتقد أنه قال في نفسه:

– أيتها الأزهار البديعة،، ربما انتهى بوح الطفولة…

وبعد برهة، كأنه أضاف:

– تحملني نياشين الانكسار إلى ذلك النهار…

حملته ذكرياته للحظات سوء لم يقدر أثرها الموجع على ما تبقى من قدرتها على التحمل والتجاهل.

 

يحاول الاعتذار من طينة قلبها، زاد الطيب بلة.

– لا تلومن من آذيته على حزنه.

يعتقد أنها قد تكون قالت ذلك.

 

استعادت وهجها الذي غاب في أيامه الخوالي:

– فراقك أبهى من لوعة الشوق إليك…

***

 

– ليس للضوء ليل ينتعش في ثناياه.

قرأ ما حملت حمرة وجنتيها البهيتين إلى ذهنه المخدر بصدمة رؤيتها غير المتوقعة.

 

كأنه يريد أن يرفع إحدى يديه أو صوته، ولا يستطيع.

بدأ يشعر بثقل خطواته المتكررة في محيطها المشع.

 

لم تنظر اتجاهه، لم تنبس ببنت شفة، أغلقت شرفتها.

وربما أسدلت ستارة الحنين.

.