بقلم: نصيرة بنيوال – جريدة أرض بلادي
في اليوم العالمي للمرأة، نقف لنكرّم النساء اللواتي تركن بصمات لا تمحى في مجتمعاتهن، أولئك اللواتي لم يكتفين بالحلم بغدٍ أفضل، بل صنعنه بأيديهن. ومن بين هذه النماذج المشرقة، تبرز الأستاذة ربيعة الفائزي، الأكاديمية والمربية والرائدة في العمل الاجتماعي، التي كرست حياتها لخدمة الأطفال في وضعيات هشة ، إيمانا منها بأن الاستثمار في الإنسان هو الطريق الأمثل نحو التنمية الحقيقية.
امرأة تحمل رسالة
طوال مسيرتها، لم تكن الاستاذة ربيعة الفائزي مجرد أستاذة للتعليم الثانوي التأهيلي، بل كانت أما روحية لعشرات الأطفال الذين وجدوا في ظلها الأمان و الاحتواء. لم تتوقف عند حدود الفصل الدراسي، بل امتدت رسالتها إلى المجتمع، حيث أطلقت عام 2017 جمعية التطوع والتنمية لرعاية الأيتام والأطفال في وضعية صعبة بمدينة وجدة . من خلال هذه الجمعية، رسمت مسارا جديدا لمئات الأطفال، و قدمت لهم فرصا للتعليم، و الرعاية الصحية، و السكن، و الترفيه، واضعة نصب عينيها بناء جيل متوازن قادر على مواجهة تحديات المستقبل.
إنجازات تضيء الطريق
بقيادة حكيمة ورؤية إنسانية، استطاعت الاستاذة ربيعة الفائزي أن تحول الجمعية إلى ملاذ حقيقي للأطفال و الأسر المحتاجة. لم يكن عملها مجرد تقديم مساعدات، بل كان مشروعا متكاملا يهدف إلى إحداث تغيير جذري في حياة المستفيدين. من توزيع منح مالية شهرية للأسر المحتاجة، إلى توفير خدمات صحية مجانية، و تأمين السكن اللائق، و تنظيم أنشطة تعليمية و ترفيهية، عملت الجمعية على منح هؤلاء الأطفال حياة كريمة تليق ببراءتهم و أحلامهم.
إحدى أبرز مبادراتها كانت الشراكة مع أطباء و متخصصين لضمان الرعاية الصحية للأطفال، حيث تم توفير الفحوصات الطبية و العمليات الجراحية بالمجان. كما أدركت أن الترفيه جزء لا يتجزأ من تكوين شخصية الطفل، فحرصت على تنظيم المخيمات و الاحتفالات و الرحلات، لإدخال البهجة إلى قلوبهم.
أما على مستوى التعليم، فكان لمساتها واضحة في تأسيس دروس دعم مجانية، و إطلاق برامج لحفظ القرآن الكريم، و إنشاء روض للأطفال وفق منهجية مونتيسوري، مما ساهم في تحسين مستوى التحصيل الدراسي للأطفال بشكل ملموس.
قيادة نسائية تلهم المجتمع
في عالم لا تزال النساء تواجه فيه تحديات مضاعفة لإثبات قدراتهن، نجحت ربيعة الفائزي في كسر الحواجز، ليس فقط من خلال إدارتها الناجحة للجمعية، ولكن عبر بناء شبكة شراكات وطنية ودولية لدعم الأطفال المحتاجين. بفضل جهودها، تمكن العديد من الأيتام من متابعة دراستهم، و الالتحاق بالجامعات، و حتى دخول سوق العمل، و هو ما يعكس نجاحها في تحويل المساعدات إلى مشاريع استدامة حقيقية.
لكن رغم كل هذه الإنجازات، لا تزال هناك تحديات تواجه الجمعية ، من نقص التمويل إلى الحاجة إلى متطوعين دائمين. و مع ذلك، فإن رؤية الفائزي لم تتوقف عند هذا الحد، فهي تطمح إلى بناء مؤسسة تعليمية متكاملة، و تطوير أساليب التدريس عبر التكنولوجيا الحديثة، لتضمن أن رسالتها تستمر لعقود قادمة.
تكريم مستحق في يوم المرأة العالمي
في هذا اليوم الذي يحتفى فيه بإنجازات النساء في مختلف المجالات، تستحق السيدة ربيعة الفائزي كل التقدير والاعتراف بفضل تفانيها في خدمة المجتمع. ليست فقط نموذجا للمرأة المغربية القوية والمؤثرة، بل هي شعلة أمل أضاءت طريق العشرات من الأطفال نحو مستقبل أفضل.
إن قصتها تلهمنا جميعا بأن العمل الخيري الحقيقي لا يقاس بحجم التبرعات، بل بعمق الأثر الذي نتركه في حياة الآخرين. و السيدة ربيعة الفائزي أثبتت أن المرأة ليست فقط صانعة أجيال داخل الأسرة، بل قائدة قادرة على تغيير مصير مجتمع بأكمله.
كل الاحترام و التقدير لك، ياستاذة ربيعة الفائزي، في يومكِ العالمي 8مارس لعام 2025 و في كل يوم.