القرآنيون : ظلال X ظلام

بقلم : عبد اللطيف بوهلال

يرى القرآنيون أن القرآن الكريم هو المصدر الوحيد للإسلام وشريعته لذا فهو غني عن باقي المصادر التي تستند إليها الفرق والطوائف الإسلامية، مثل الحديث والسُنة النبوية (ما ورد عن النبي محمد من قولٍ أو فعلٍ أو تقريرٍ أو صفة). وبشكلٍ خاص، يرون أن القرآن لم يترك شيئاً يحتاجه المسلمون لمعرفة دينهم إلا وذكرها ولم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا وأوردها في آياته دون الحاجة لمصادر أخرى.

 يمكن اعتبار القرآنيون أنهم مجموعة من المسلمين الذين يرون بأن القرآن هو المصدر الوحيد للإيمان والدين الإسلامي اذن بينما يُطلق عليهم معارضوهم اسم “مُعطلي السُنة النبوية،” وهو تيار لطالما عانى في الشرق الأوسط من اضطهاد وعدم اعتراف وانتقاص من حقوقهم وهجوم دائم من المؤسسات الدينية الإسلامية.

ان اول ظهور لظاهرة القرآنيون للعلن في العصر الحديث كانت في الهند تحت سلطة الاحتلال الإنجليزي، فظهر أحمد خان واحداً من ممثليها بنزعة عقلانية منفصلة عن السنة النبوية بالكامل، ثم عبد الله جكرالوي في الباكستان، ثم غلام أحمد برويز، وتمرّكزت هذه الجماعة في شبه القارة الهندية وكان حضورها الفاعل هناك، أما في عالمنا العربي فقد تبنى هذا الاتجاه المصلح الاجتماعي محمد عبده في مصر، وأحمد صبحي منصور، الذي استقر في الولايات المتحدة الأمريكية، ويقال إن زعيماً لدولة عربية شمال أفريقية نهج هذا النهج ،وله تصريحات شهيرة بخصوص استهلال سورة “قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ” الإخلاص

ارتبط مذهب “القرآنيين” في واقعنا المعاصر بأستاذ التاريخ الإسلامي الدكتور المصري أحمد صبحي منصور، الذي تصدر الدعوة إلى هذا المذهب في مصر. وبسبب إنكاره للسنة النبوية القولية، فصل من عمله في جامعة الأزهر في ثمانينيات القرن الماضي، ثم سافر إلى أمريكا ليستقر بها.

يركز القرآنيون في حوارتهم على اعتبار القرآن الكريم هو الحجة في دين الله، ولا حاجة للمسلمين إلى مصادر أخرى معه، لكنهم ينقسمون إلى اتجاهات مختلفة، فمنهم من يأخذ بالتواتر العملي الذي تناقله المسلمون عبر أجيالهم (مثل الصلاة) كاتجاه أحمد صبحي منصور، واتجاه آخر يرفض ذلك مكتفيا بالقرآن وحده، كاتجاه المغربي بنور صالح الذي يرى أن الصلاة المفروضة هي ثلاث صلوات فقط بحسب فهم أتباع هذا الاتجاه لآيات الكتاب العزيز، وإسقاطهم للسنة النبوية بالكلية.

ظاهرة القرآنيين تضع العلماء الشرعيين أمام تحديات من لون آخر، فالقرآنيون ينطلقون في فكرهم وحركتهم من حرصهم على القرآن وتعظيمهم له، فكان لزاما على العلماء استيعاب مقولات القرآنيين، وتفهم اعتراضاتهم واستشكالاتهم، ومن ثم محاورتهم بأدلة قرآنية، تفند استدلالاتهم، وتفكك مقولاتهم من داخل المنظومة القرآنية التي جعلت البيان إما بالنص القرآني مباشرة أو بالإحالة على مصادر أخرى على رأسها السنة النبوية.