توقف صندوق التماسك الاجتماعي يهدد الاشخاص في وضعية إعاقة 

جريدة أرض بلادي -هيئة التحرير-

تعمل وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة على توسيع قاعدة استفادة الأشخاص في وضعية إعاقة من منظومة الحماية الاجتماعية، بهدف نقل الخدمات الاجتماعية الحالية الموجهة لهذه الفئة من المجتمع في إطار صندوق دعم الحماية والتماسك الاجتماعي إلى منظومة الحماية الاجتماعية. فهل هو حل عملي أم هروب إلى الأمام سيضع شريحة واسعة من المواطنين أمام صعوبات جديدة ويزيد الثقل على كاهل النظام الصحي؟

يطرح موضوع نقل الخدمات الاجتماعية الخاصة بالأشخاص في وضعية إعاقة لمنظومة الحماية الاجتماعية إشكالا وسط فعاليات المجتمع المدني العاملة في مجال الإعاقة، والتي عبرت عن تخوفها من الإكراهات التي يمكن أن تواجه ذوي الإعاقة خلال هذه الفترة الانتقالية.

 

صندوق مؤقت

 

وفي هذا الإطار، أوضح أحمد آيت إبراهيم، خبير في قضايا الأشخاص في وضعية إعاقة، ومستشار سابق بوزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة أن صندوق دعم الحماية والتماسك الاجتماعي الذي تتجه الحكومة نحو إلغائه في أفق تعميم الحماية الاجتماعية على كافة المواطنين، تم إنشاؤه بشكل مؤقت لتوفير مجموعة من الخدمات من بينها 4 خدمات لذوي الإعاقة.

 

وتتجلى هذه الخدمات، يضيف آيت إبراهيم، في تصريح لـSNRTnews، في دعم تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة واقتناء المعدات التقنية والأجهزة البديلة، والأنشطة المدرة للدخل بالنسبة للاندماج المهني، وخدمة تأهيل المراكز.

 

وأبرز الخبير في قضايا الأشخاص في وضعية إعاقة أن إلغاء خدمات هذا الصندوق أمر طبيعي مع انطلاق ورش تعميم الحماية الاجتماعية، إلا أن الإشكال المطروح يتعلق بتدبير المرحلة الانتقالية التي مازالت تشهد ارتباكا، وفق آيت إبراهيم.

 

إكراهات متعددة

 

وحول أبرز الإشكالات المرتبطة بهذه الفترة الانتقالية، أوضح الخبير آيت إبراهيم أن كل برنامج دعم اجتماعي، بناء على المرسوم المؤطر، “يجب أن يتوفر على مؤشر اجتماعي أو ما يسمى بـ”العتبة” وهو الأمر الذي لم يتم تفعيله بعد بالنسبة لذوي الإعاقة، كما يجب أن يتوفر السجل الاجتماعي الموحد على صيغة احتساب المستوى الاجتماعي الاقتصادي والإعاقة كمكون أو متغير، علما أن الإعاقة تفقر كيفما كان المستوى الاقتصادي للأسرة”.

 

من جهة أخرى، يضيف آيت إبراهيم، “لا نتوفر على سجل إلكتروني، أي منظومة معلوماتية تجمع حوالي 3 ملايين من المواطنين والمواطنات في وضعية إعاقة”، كما لم يتم بعد الإفراج عن المرسوم المتعلق ببطاقة الإعاقة التي ستحدد الدرجات وكيفية الاستفادة من الخدمات، إذ مازال هذا المرسوم في الأمانة العامة للحكومة.

 

وسبق أن أكدت وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، عواطف حيار، بمجلس المستشارين، أن مشروع المرسوم المتعلق بمنح بطاقة شخص في وضعية إعاقة “جاهز وسيعرض على مجلس الحكومة قريبا للمصادقة عليه”.

 

ويرى آيت إبراهيم أن الحكومة تأخرت في هذه العملية، مشيرا إلى أن هذا الورش كان يجب أن ينطلق في سنة 2022 لكي تكون المرحلة الانتقالية سلسلة.

 

وتطرق المتحدث ذاته إلى كيفية استفادة ذوي الإعاقة من تعويضات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في ظل عدم مراجعة التعريفة المرجعية، لافتا إلى أن “احتساب ثمن حصة تقويم النطق والترويض لا يتعدى 50 درهما علما أن أقل تعريفة في السوق تبلغ 100 درهم، ما يستدعي مراجعة شاملة للتعريفة المرجعية من طرف وكالة التأمين الصحي”.

 

تضرر 30 ألف طفل في وضعية إعاقة

 

أما على مستوى تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة، أكد الخبير والمستشار السابق بالوزارة الوصية، أن إلغاء صندوق دعم الحماية والتماسك الاجتماعي يعني توقف الخدمات الموجهة لحوالي 30 ألف طفل يستفيدون من الصندوق.

 

وفي هذا الإطار، عبر المرصد المغربي للتربية الدامجة، في بلاغ له، عن استياء الجمعيات العاملة في مجال التكفل بالأشخاص في وضعية الإعاقة من هذه الخطوة، مؤكدا أنها “تفاجأت بقرار حذف برنامج دعم التمدرس المندرج في صندوق دعم الحماية والتماسك الاجتماعي، والذي من شأنه وقف تقديم الخدمات التربوية والتأهيلية لفائدة 30 ألف طفل في وضعية إعاقة، وما يقارب 9 آلاف عامل مهني اجتماعي في مختلف المراكز وقاعات الموارد”.

 

وانتقد المرصد المغربي للتربية الدامجة “عدم تقديم الوزيرة لأي تصور مستقبلي واضح حول موضوع برنامج دعم التمدرس”، مشيرا إلى أنه لن “يتم تنظيم إعلان دعم مشاريع التمدرس برسم السنة المالية 2024، وهو ما ينذر بتوقيف خدمات المراكز وقاعات الموارد لفائدة الأطفال في وضعية إعاقة”.

 

ويرى آيت إبراهيم أنه بات من اللازم تخصيص لقاء يجمع الخبراء المختصين في المجال لإعداد تصور خاص والاشتغال عليه على مستوى البرلمان أيضا، مبرزا أن البلاد اختارت نهجا سياسيا استراتيجيا، يقضي بقيام الدولة بالتشريع وإصدار القوانين والتكلف بالأوراش الاستراتيجية، فيما تحتاج للقطاع الخاص وللجمعيات المعنية من أجل المساهمة في تنمية البلاد.

 

حماية اجتماعية وعيش لائق

 

من جهته، أكد عبد المجيد المكني، رئيس تحالف النهوض بالأشخاص في وضعية إعاقة، أن صندوق التماسك الاجتماعي كان يهم أساسا تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة ولا يشمل كافة الجوانب الاجتماعية، مبرزا أنه كان من المنتظر إنهاء خدماته لأنه أُنشئ في ظروف خاصة.

 

وأبرز المكني، في تصريح لـSNRTnews، أن الأشخاص ذوي الإعاقة في حاجة لحماية اجتماعية وعيش لائق، مبرزا أن هذه الحماية يجب أن تتضمن الملبس والمأكل والمشرب والعناية الطبية والخدمات الاجتماعية وكل الجوانب والمعدات التي تضمن الاستقلالية والعيش اللائق لهؤلاء الأشخاص وضمان الصحة والرفاه لجميع أفراد الأسرة.

 

وشدد رئيس التحالف على ضرورة وجود آلية لتقييم الإعاقة لإعطاء هؤلاء الأشخاص إمكانية تصنيفهم وفق الإعاقة ووفق الاحتياجات بشكل يضمن سير الحماية الاجتماعية بالشكل الصحيح.

 

وتساءل المكني عن مصير الدراسة التي تم إنجازها سنة 2021 مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي حول سلة الخدمات الاجتماعية، مشيرا إلى عدم استثمار نتائجها لحدود الآن، وطالب التحالف بالإفراج عن هذه الدراسة وإشراك ممثلي ذوي الإعاقة في هذه القرارات.

 

إنجاح المرحلة الانتقالية

 

على صعيد آخر، تطرق رئيس التحالف إلى عدم تمكن العديد من الجمعيات العاملة في مجال الإعاقة في حال إلغاء صندوق التماسك الاجتماعي، من تقديم الخدمات للأشخاص في وضعية إعاقة، خاصة أن صندوق التماسك الاجتماعي موجه لفئة معينة من ذوي الإعاقات الخفيفة، فيما تتكلف الجمعيات بغير المسجلين في مسار التعليم.

 

وأكد أن هذا الأمر سيعيد إلى طاولة النقاش إشكال قديم يتعلق بعدم الاشتغال على استقلالية هذه الجمعيات لتواصل دعمها وتقديم خدماتها بشكل إيجابي دون الحاجة للصندوق.

 

وشدد المكني، في هذا الإطار، على ضرورة الاشتغال على هذه الاستقلالية، والاشتغال بمعية فعاليات المجتمع المدني على كافة الجوانب المتعلقة بالحماية الاجتماعية وتمدرس الأطفال في وضعية إعاقة من أجل استمرار كافة الخدمات الموجهة لهذه الفئة وتحسينها.

 

كما أكد الخبير آيت إبراهيم على ضرورة الاشتغال على بطاقة الإعاقة والسجل الإلكتروني وإدخال مكون الإعاقة في السجل الاجتماعي الموحد وتفعيل ذلك في أسرع وقت من أجل إنجاح هذه المرحلة الانتقالية.