حسناء إيمزورن للروائي مصطفى لغتيري في طبعة ثانية

جريدة أرض بلادي-هيئة التحرير-

عن منشورات غاليري الأدب صدرت حديثا الطبعة الثانية لرواية”حسناء إيمزورن” للكاتب مصطفى لغتيري في 111 صفحة من الحجم المتوسط، وكانت طبعتها الأولى قد صدرت عام 2014 عن منسورات دار النايا بسوريا.. ترصد هذه الرواية جزءا من حياة منطقة الريف شمال المغرب والصراع المحتدم بالتناقضات على المستوى الاجتماعي والسياسي والثقافي، وخاصة فيما يتعلق بوضعية المرأة في المنطقة، التي تعد نعبيرا صادقا عن احوال المرأة في جل المناطق المحافظة في المغرب.
ومن اجواء الرواية نقرأ في فصلها الأول:
ليل طويل يتدثر بسواده الحالك، يتمدد في خيلاء، مطبقا على الدنيا بصمته الأزلي الثقيل، تحرسه أحلام مزعجة، تتوالى كعساكر شرسة، قد حفزتها طبول الحرب المتسارعة، ونفير الخراب المتعالي في الأجواء لتتسيد الكون الليلي الطويل.. كل ذلك ناوش قلب “شامة” وذهنها، فلم تظفر بإغفاءة هادئة، تعيد إلى نفسها وجسدها بعضا من ألقهما، فقط ظلت تتقلب في فراشها الليل جله، تستعطف نوما مستعصيا لا يستجيب.. مرات عدة غادرت فراشها، ومضت في طريقها نحو الباب تتلمس الجدران، متفادية إشعال النور حتى لا تلفت انتباه من في البيت، بخطوات مرتبكة تتجه نحو الباب، تفتحه بهدوء وحرص، فتنفتح على فضاء باحة البيت الرحبة، تداعب وجهها برودة الليل المنعشة، تطرد مت علق بنفسها من كسل، تسترق نظرة مرتبكة نحو الأعلى.. السماء مزينة بمصابيح بلا حصر، تحرس بأعينها التي لا تنام أهل الأرض وهم في سباتهم يسبحون،بكثير من الرشاقة تسللت شامة نحو المرحاض، ولجته بخفة فراشة تستحيي أن تعلن عن وجودها الطارئ والمربك، بعد لحظات غادرته بعد أن أفرغت متانتها مما أثقل عليها..
حيية تدلف شامة نحو المطبخ المنزوي في الركن، ترفع غطاء ” الخابية”، تغترف الماء، ترتشف منه قطرات باردة، تشعر بها منزلقة في حلقها، يمتعها تتبع ذلك بافتتان ظاهر، بعد أن ترتوي تضع الكوب على لوح الخابية، ثم تقفل نحو غرفتها، وتتمدد في فرشتها محاولة استدعاء الكرى المتمنع، الذي يبدو أنه هاجر عينيها دون رجعة، حدث ذلك لليال عدة منذ أن لمست هذا التحول الغريب في نفسيتها وجسدها، لقد فاحت فجأة رائحة الأنوثة من كل أعضائها، فأصبحت منشغلة بوضعها الجديد الطارئ أيما انشغال، تتلمس على استحياء تكورات جسمها المتنامية، وتسعد بملمس جسمها الصقيل الناعم.. تمططت على مضجعها للحظات، محاولة أن لا تفكر في أي شيء، فقط كانت ابتسامة خجلى تتسلل خلسة إلى شفتيها القرمزيتين، تظهر للحظات، ثم تنطفئ تدريجيا، ويختفي أثرها.. جربت الكثير من الأوضاع التي بدت لها مناسبة لتستغرق من جديد في نوم عميق، لكنها عبثا حاولت ذلك. لقد جافاها النوم بشكل نهائي، وكادت تيأس من أن يضمها في حضنه الأثير، فاستسلمت بالتذاذ ظاهر لحالتها الجديدة هاته، حينذاك فقط تسلل خياله إلى ذهنها، بكل جبروتها، انتصب بقامته الفارعة وسمته الحسن، الذي لم يترك لها عقلا تتشبث به.. رأته بداية مرتين فقط، فلم تعد أبدا تملك من أمرها شيئا، مرة رآها فيها والمرة الثانية رأته و لم يره ..