سفيرة الأمل سارة هكو… عندما تتحول التجربة إلى رسالة حياة

   تحرير نصيرة بنيوال ـ جريدة أرض بلادي

في شهر مارس، حيث نحتفي بالمرأة ودورها الريادي، تبرز شخصيات لا تضاهي قيود الواقع، بل تصبح جسورا تنير دروب الأرواح الباحثة عن النور. من بين هؤلاء، تقف  الشابة سارة هكو كرمز للقوة والإلهام؛ فهي ليست مجرد مرشدة تربوية ونفسية أو مدربة تنمية ذاتية، بل هي نموذج حي لتحويل الألم إلى دافع والانتكاسات إلى انطلاقة جديدة. تحمل في كلماتها رسالة ملهمة: “نعم، يمكنك النهوض من جديد، مهما كانت العواصف التي مرت بحياتك!”

        من فيݣيݣ إلى وجدة… ثم إلى كل المغرب

تنتمي الشابة سارة إلى أصول فيݣيݣية، لكنها سرعان ما تجاوزت حدود الانتماء الضيق لتصبح ابنة المغرب كله. تقطن بوجدة عصمة الجهة الشرقية، و تنتقل كحمامة بيضاء بين المدن، حاملة معها العلم و رسالتها الإنسانية أينما دعيت. لا ترى في المعرفة محطة تنتهي عند شهادة أو دورة تدريبية، بل تعتبرها رحلة مستمرة نحو التميز والتجديد، فهي دائما في سعي متواصل لتعلم كل جديد في مجالات التربية، والصحة النفسية، والتنمية الذاتية.

            التجربة… حين يصبح الألم مصدر قوة

ما يميز سارة هكو ليس فقط تراكم الخبرات العلمية، بل قدرتها على تحويل الصعوبات إلى مصدر إلهام. عاشت تحديات اجتماعية و صحية جعلتها تعرف معاني الصبر و العزيمة؛ فاختارت المواجهة بدل الاستسلام، والتحول بدل الجمود. تلك التجارب الصعبة عمّقت فهمها للألم النفسي الذي يعاني منه الكثيرون، مما أكسب رسالتها مصداقية وقوة، لتصبح قصتها رسالة حياة تتردد في قلوب من يبحثون عن الأمل.

    الطفل… بناء إنسان متوازن بدلا من إصلاحه لاحقا

تعتبر سارة الصحة النفسية للأطفال حجر الأساس في بناء مستقبل متوازن؛ فهي ترى أن الطفل ليس صفحة بيضاء، بل هو كيان يحمل بداخله مشاعر وتجارب مبكرة تُشكل شخصيته لاحقا. لذا فإن تعاملها مع الأطفال يعتمد على فهم عميق لسيكولوجيتهم وخلق بيئة آمنة تسمح لهم بالتعبير عن ذواتهم بحرية وثقة. ومن هنا تتجلى طرقها العلمية والحديثة في مواكبة الأطفال، والتي تشمل:

البرمجة اللغوية العصبية (NLP) للأطفال: تساعد في تجاوز المخاوف وتعزيز الثقة بالنفس وتحسين المهارات الاجتماعية.

العلاج باللعب (Play Therapy): أسلوب إبداعي للتواصل مع الأطفال الذين يواجهون تحديات عاطفية أو نفسية.

تقنيات الذكاء العاطفي: تعليم الأطفال كيفية فهم مشاعرهم والتحكم بها بدلا من السماح لها بالتحكم فيهم.

التربية الإيجابية: تدريب الآباء والمربين على أساليب تعامل تعزز الاستقلالية والمسؤولية لدى الطفل بدلا من اللجوء إلى العقاب.

التواصل العلاجي: مساعدة الأطفال الذين مروا بصدمات نفسية على تحويل الألم إلى قوة دافعة نحو النجاح.

ليس الهدف من هذه الأساليب مجرد تقديم حلول نظرية، بل تجسيدها في الواقع ؛ إذ تقود سارة جلسات تفاعلية تشارك فيها الأطفال وعائلاتهم، مستعينة بأساليب علمية حديثة تحدث فارقا حقيقيا في حياتهم.

  النشاط الإعلامي و الميداني… صوت يتردد في كل مكان

لا تقتصر مساهمات سارة على الجوانب التربوية والنفسية فحسب، بل يتعداها نشاطها الإعلامي والميداني الذي يبرز مكانتها كمرجعية في مجال التوعية. فقد أصبحت وجها مألوفا في برامج التلفزيون ، حيث تقدم محاضرات ونصائح حول الصحة النفسية والتربية السليمة. كما تشارك في القوافل الطبية والتربوية، وهي مبادرات تهدف إلى نقل المعرفة والخبرة إلى جل المناطق المغربية، مما يعكس التزامها العميق بخدمة المجتمع و نشر الوعي الصحي والتربوي.

من خلال حضورها الإعلامي، تواصل سارة إيصال رسالتها إلى جمهور واسع، محدثة تأثيرا يتجاوز حدود الندوات والمحاضرات العلمية ، فيصل إلى كل منزل في المغرب. وهي بذلك تثبت أن التغيير يبدأ من الفرد، وينتشر في كل مكان عندما يتحلى بالإرادة والعزيمة.

    التخلص من آثار الماضي… بوابة للتصالح والنجاح

تؤمن سارة بأن الماضي، بكل آلامه وذكرياته، لا يجب أن يُمحى، بل يجب التصالح معه و تحويله إلى محفز يدفعنا نحو المستقبل. تقول دائما :

“التخلص من آثار الماضي لا يعني نسيانه، بل يعني إعادة توجيهه ليصبح دافعا للنجاح بدلا من أن يكون قيدا يكبل الأرواح.”

هذا المبدأ يتجلى بشكل خاص عند الأطفال الذين مروا بتجارب صعبة، حيث تعمل على تحويل ذكرياتهم السلبية إلى نقاط انطلاق نحو مستقبل مشرق.

الصحة النفسية… أساس العافية والنجاح

ترى سارة أن الصحة النفسية ليست رفاهية، بل هي الأساس الذي يقوم عليه النجاح الاجتماعي والجسدي. تؤكد على أن الاضطرابات النفسية قد تكون جذر العديد من الأمراض الجسدية، لذا تعمل جاهدة على نشر الوعي بأهمية التوازن النفسي والعاطفي، مؤمنة بأن العقل يمكن أن يكون سلاحا للشفاء أو بابا للمعاناة بحسب كيفية توجيهه.

        رسالة أمل…”نعم يمكنك أن تبدأ من جديد”

في كل لقاء وكل محاضرة تلقيها، تحمل سارة كلماتها نبض الحياة والتجديد:

“مهما كانت الصعوبات، مهما كانت القيود التي كبلتك، يمكنك أن تبدأ من جديد… لأنني فعلت ذلك، ولأنني أؤمن بأنك تملك القوة لتعيد بناء ذاتك!”

           تحية لكل امرأة تحمل شعلة التغيير

في شهر مارس، نرفع القبعة لكل امرأة جعلت من نفسها نوراً لكل من حولها، لكل سيدة لم تستسلم للظروف، ولكل روح تضيء درب الآخرين. سارة هكو ليست مجرد اسم، بل هي رمز لتلك المرأة القادرة على تحويل التحديات إلى فرص، وبناء مستقبل أفضل بيدها، من خلال كل كلمة تنطق وكل خطوة تخطوها على شاشات التلفزيون وفي قلب القوافل الطبية والتربوية.

إلى كل امرأة تعيد بناء ذاتها رغم العواصف… تحية لك، فأنت الحياة في أبهى صورها!